في مواجهة ترامب
بقلم / جمال متولى الجمل

رسالة مفتوحة إلى الرئيس السيسي والإخوان والمعارضة في الخارج
الزيارة الحالية لرئيس حكومة الكيان الصهيوني إلى إمريكا مؤكد لن تكون كأي زيارة سابقة ولن يقتصر البحث فيها على المصالح المعتادة والدورية للصهيونية الداخلية أو الخارجية للكيان المسمي ( بإسرائيل ) .
معلوم ان الزيارة تأتي من نتن ياهوا وهو ملاحق من المحكمة الجنائية الدولية من ناحية ، ومغضوب عليه ومهدد داخلياً قضائيا من ناحية اخري فضلا عن إنكساره البيّن أمام مايسمى بالشعب اليهودي في فلسطين المحتلة لعدم تحقيقه لأي هدف من أهداف عدوانه على غزة ، سوي انه نجح بالطبع في تدمير القطاع وتحويله إلى كومة من الرماد .
لكن حلمه في القضاء على المقاومة أو حتي كسرها لم يتحقق .
وكذلك حلمه في إفراغ غزة من مواطنيها ، استيقظ على عودتهم سيراً على الأقدام لأرضهم ووطنهم مع عدم صلاحيته مطلقاً للمعيشة، ولكنه الصمود والإصرار والعزيمة والتمسك بتراب هذا الوطن في مشهد تاريخي كفيل بهزيمة إرادة الصهيونية بكل طاغوتها.
كل ذلك سيجعل نتن ياهوا يعوي بشدة أمام (مجنون) أمريكا العائد لحكمها باستماتة ترامب والذي يسعي لحمل العالم كله للدفع له قيمةً وقيّماً من أصولهم ومن خزائنهم ، إلا الكيان الصهيوني المسمي باسرائيل – فهو وحده الكيان- في حساباتهم – المستحق للأخذ له ومن ( العرب عموما وفلسطين خصوصا ) ( كإتاوة) .
وأمام دموع التمساح الدموي الجريح نتن ياهوا لن ( يهمد أو يهدأ ) ترامب إلا إذا ان حقق ما يرفع به رأس نتناهوا (الذليلة) أو ان ييأس ويفشل في تحقيق رغباته ( وبإذن الله سيكون ذلك) وسيفشل في تبيض وجهه ووجه النتن ياهوا امام عصابات الصهيونية المغتصبة لأرض فلسطين والصهيونية العالمية .
ولقد رأينا مجنون أمريكا ترامب يستبق زيارة النتن ياهوا له وأعلن صراحة ووضوحا أن أرض فلسطين المحتلة المسماه حاليا ( اسرائيل ) صغيرة على غاصبيها ومحتليها وفي حاجة إلى التوسع كما هو معلوم .
وطلب بل وأكد على تهجير اصحاب الأرض وملاكها لصالح سارقيها المحتلين.
ثم بدء في التمويه والتضليل للعرب وقال : إن نقل الغزواية (مؤقت) ولحين إعادة إعمار غزة وتهيئتها للسكن !!
وطبعاً هناك من سينطلى عليه هذا التضليل ويعتمده من أذناب الصهيونية في عالمنا العربي !
ولنكن صُرحاء في القول : بأنه لن يوقف هذا الحلم الصهيوني الترامبي إلا الدولة المصرية بالطبع مع تمسك الفلسطينين بكل ذرة من تراب فلسطين .
فمع اليقين بأن الشعب العربي والإسلامي سيتمسك برفض مخطط ترامب والصهاينة إلا ان هذا الرفض لن يُترجم فِعليا وبصريح العبارة لثبات الموقف المصري العظيم لمبدأ التهجير عموما وبغض النظر عن الأرض المراد أو التي يُقصد تهجير أهل غزة لها – فضلا عن الرفض القاطع لاستخدام أي شبر في مصر لتحقيق هذا الهدف الاستعماري الاحتلالى الجديد والقديم في نفس الوقت .
وايضا وبصراحة لا يستطيع نظام سياسي اساسا أن يواجه شعب مصر – حتي لو أراد ( جدلاً ) تحقيق حلم ترامب- نتنياهوا .
لكن ولله الحمد فإن قضية فلسطين دائما وتاريخيا في قلب وروح وعقل القيادة المصرية والشعب معاً و بلا خلاف يُذكر ، و لم يختلفا يوما على ثوابت القضية الفلسطينية ، بل الخلاف (إن وجد) فهو لصالح القضية الفلسطينة وتحريرها كاملة وإزالة الكيان الصهيوني من المنطقة كلها .
والقلة المسماة ب ( النخبة السياسية أو الثقافية) هي التي تروّج وتدعوا لحل الدولتين وإقامة فلسطين على حدود 1967 .
ولا أدل على ذلك من أن الأزهر الشريف في كل خطابته المكتوبة والمسموعة لا يتكلم البتة عن قدسين ( قدس غربية وقدس شرقية) ولا عن دولتين ( بل دولة فلسطينية واحدة وعاصمتها القدس الشريف الواحدة الموحدة دون تقسيم )
وهذا رأي غالبية الشعب المصري .
وإن كان الشعب يتغاضي عن خطابات الأنظمة السياسية المتعاقبة من بعد الستينات نظراً لانجراف الكثير من العالم العربي نحو جريمة التطبيع مع الكيان الغاصب سِراً أو جهراً ، فضلاً عن التقسيم الأممي العاجز عن مساندة الحق الفلسطيني حتي فيما قرره من تقسيم .
ولأن التلاعب الصهيوني الترامبي بدأ يدخل للعالم العربي من باب ( الإنسانية المزعومة ) وأنهم راغبين في إعادة إعمار غزة خلال سنوات وكما صرح بالأمس المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، (بحسب موقع الحُرة) مخادعاً : بأنهم لا يستطيعون الكذب على الفلسطينين وأن غزة فيها ذخائر لم تنفجر وأن إعادة الإعمار تحتاج لما يزيد عن خمس سنوات ومن اجل ذلك لابد من نقل اهل غزة مؤقتا ، ثم عودتهم ( ….. ) بعد الإعمار !! .
ولأن في العرب من هُم ( سُمج) وليس (سُذج) يقولون: نعم لهذه الإنسانية الرقيقة !!
حتي يتحقق الهدف الصهيوني .
لأنه من المعلوم تاريخياً انه ما واقعة تهجير حدثت لأهلنا في فلسطين وعادوا بعدها لأرضهم .
وأن حق العودة لفلسطيني المهجر المعترف به أمميا لم يعترف به الكيان الصهيوني ولا تسعي أمريكا لتحقيقه في أي مفاوضات جرت .
وامام ما هو مُتوَّقَع من إنسياق ترامب للاستجابة لتحقيق أحلام النتن ياهوا لرفع بعضاً من حرجه اما قطيعه اليهودي في الكيان فسوف يُصر ترامب على طلب التهجير الفلسطيني وإفراغ الأرض المباركة من أهلها ولأنه سيصتدم بإصرار مصر ( خصوصا ) على رفض طلبه ولا حتي المساعدة فيه بل والتصدي له .
تحتاج مصر لبعض الخطوات الهامة من الرئيس السيسي وكذلك خطوات جادة من الاخوان والمعارضة في الخارج .
أما ما هو مطلوب من الرئيس السيسي بصفته رئيس الدولة الأم للعرب فيتمثل في :
السياسة الداخلية .
* وقف الملاحقات الأمنية لأصحاب الرأي والفكر السياسي .
– الإفراج الفوري والعام عن ( جميع ) سجناء الرأي الذين لم يرتكبوا عنفاً حقيقياً .
– تحريك الأحزاب والمجتمع المدني الفاعلين في المجتمع المصري وفي شوراعه بعقد الندوات والمؤتمرات العامة للتعريف بأهمية مواجهة المؤامرات والتحديات الخاصة بالمنطقة عموما والتي تستهدف فلسطين ومصر في المقام الأول والأهم.
– إيضاح خطورة تفعيل وتنفيذ مخطط ما يسمي بالشرق الأوسط الجديد واستهداف مصر بغض النظر عن نظامها السياسي كونها الأم والمظلة والقاطرة للعرب بإذن الله تعالى وحجر العثرة ضد المخططات الصهيوأمريكا و الغربية ضدها .
– العمل على إذابة الفجوة بين الشعب وبين النظام السياسي الرسمي واحزابه من غير استثناء ، بالتعبئة الوطنية العامة .
أما المطلوب خارجيا :
* استعادة الدور الريادي لمصر عربيا وأفريقيا .
* العمل واستهداف وصناعة برامج ليقظة الأمة العربية والإسلامية والأفريقية.
* تحرك الرئيس السيسي مع وزارة الخارجية عربياً لاستعادة التضامن العربي الحقيقي الجاد
* تحجيم الهرولة العربية نحو التطبيع.
* تخفيض مستوي التمثيل والتبادل ( على الأقل ) بين من طبعوا وبين الكيان الصهيوني وخاصة دولة الإمارات .
* إستصدار قرار من الجامعة العربية بعدم التطبيع من أي دولة عربية مع الكيان الصهيونى إلا بعد اتخاذ خطوات رسمية تنفيذية حقيقية من الكيان الصهيوني نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف ( على الأقل الشرقية ) وسيادة هذه الدولة المستقلة دون تدخل صهيوامريكي وحق العودة ومنع التهجير.
أما المطلوب من الإخوان والمعارضة في الخارج فهو :
* فهم واستيعاب وإدراك طبيعة المرحلة والخطر الداهم والتحديات التي تواجهها مصر الدولة والوطن وليس مصر النظام فقط .
* يقظة الروح الوطنية المتلاحمة والمسؤولة .
* تحمل المسؤولية تجاه هذه المخاطر الجسيمة بتغيير خطاب التحريض
والانتقال به الى تعبئة المجتمع المصري والعربي للوعي بهذه المخاطر والالتحام بالسلطة لمواجهتها والتصدي لها .
* تصدير رسالة للصهيوامريكا خصوصا والغرب عموما أن مصر شعبا وحُكماً إيذاء التحديات لُحمة واحدة وكتلة صَلبة والشعب المصري بأكمله مجند ( لافرق بين مؤيد أو معارض – وليس من بينه محرض) تحت طلب الوطن في أي ساعة وأي موقف .
* التفرقة الواضحة بين اسلوب المعارضة الوطنية المسؤولة لسياسات وبين التحريض على الدولة او حتي النظام.
* استمرار هذه الروح وهذه التعبئة حتي تتوقف الصهيوامريكا فعليا عن مخططاتها ومؤامراتها على مصر وفلسطين والعرب .
فإن هذه الخطوات هي نواة أفكار ومفتوحة لكل من لديه إضافة حتي نكون جادين في هذه المواجهة وإفشال مخطاطاتها .