تعرف على حبيبك النبي صلى الله عليه واله وسلم (714)

بقلم / جمال متولى الجمل

تعرف على حبيبك النبي صلى الله عليه واله وسلم (714)

بقلم : جمال متولى الجمل

الاحداث بعد غزوة الخندق وقريظة
اســـلام المغـــيرة بن شــعبــة – رضي الله عنه (2).

وفي الحديث المتفق عليه عن عروة بن الزبير عن المِسْوَر بن مَخْرَمَة ومروانَ بن الحكم في حديث الحُديبية الطويل :
وَكَانَ الْمُغيرَة صحب قوما فِي الْجَاهِلِيَّة فَقَتلهُمْ وَأخذ أَمْوَالهم، ثمَّ جَاءَ فَأسلم، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ” أما الْإِسْلَام فَأقبل وَأما المَال فلست مِنْهُ فِي شَيْء ” صحيح البخاري ومسلم .

**- من فوائد الحديث السابق .
أن في قول النبيّ – صلى الله عليه وفي واله وسلم – للمغيرة: “أما الإسلام فأقبل، وأما المال فلست منه في شيء” دليلًا على أن مال المشرك المعاهد معصوم، وأنه لا يُملك، بل يُرَدّ عليه، فإن المغيرة كان قد صَحِبهم على الأمان، ثم غَدَر بهم، وأخَذَ أموالهم، فلم يتعرض النبيّ – صلى الله عليه واله وسلم – لأموالهم، ولا ذَبّ عنها، ولا ضَمِنها لهم؛ لأن ذلك كان قبل إسلام المغيرة (1) وسنفصل ذلك لاحقا بالحلقة الاتية ( 715) .

■ قد يسأل سائل :
ما الفرق بين اعتداء شعبة بن المغيرة على رفقته من المشركين ، وبين مافعله عبدالله بن عتيك مع اليهودي سلام بن أبي الحقيق – فهذا غدر وهذا غدر ؟
الجواب : شعبة رضي الله اعتدي على رفقة مشركة صاحبوا بعضهم في سفرهم مؤتمنين بعضهم على نفوسهم ولم يكن منهم غادر – بل شعبة الذي غدر بهم من غير وجه حق .
أما ماكان من عتيك باليهودي فهو من باب المكيدة بغادر للعهد والأمان والسِلم الذي عاهده رسول الله صلى الله عليه واله وسلم والمسلمين .
▪︎ فا الأمر مع شعبة توصيفه : أنّ الله طيب لا يقبل إلا طيبًا .. والغدر والخيانة ليست من صفات المؤمنين .. لذلك لم يقره النبي – صلى الله عليه واله وسلم – على قتله وسلبه لأولئك القوم رغم أنهم كانوا مشركين ..
أما ما فعله عبد الله بن عتيك بسلام بن أبي الحقيق .. أن سلامًا كان قد حرض على حرب المدينة وخطط لها وغدر بأهلها .. ثم خان المسلمين وهرب إلى حصنه في أرض خبير وكأنه لم يفعل شيئًا .. إن خطر أمثال ابن أبي الحقيق أشد من خطر جيش بأكمله .. وخيانته لا يمكن أن تتوقف ما دام يعتبرها هو وأتباعه دينًا يتعبد الله بفعله (2)

■ الرد علي شبهة زنا شعبة رضي الله عنه بامرأة .
وما جاء في روايات عدة من شهادةٍ عليه رضي الله عنه بالزنا : لم يثبت نصاب الشهادة فيها ، ولا يمكن لأحدٍ أن يتهمه رضي الله عنه بتلك الفاحشة البغيضة من غير اعتراف ، أو شهادة أربعة رجال ، وكلا الأمرين معدوم ، وقد جلد عمر رضي الله عنه الثلاثة الذين اتهموه بالزنا ؛ لعدم اكتمال نصاب الشهادة ، بعد تردد الرابع ، وعدم شهادته ، ولم يصنع شيئاً مع المغيرة لعدم ثبوت أصل الواقعة شرعاً .
▪︎ وأما بخصوص المروي في وصف فعله رضي الله مع تلك المرأة : فالجواب عنه من وجوه :
1 – سقوط ذلك كله شرعاً ، وعدم ثبوت شيء منه ؛ لتخلف نصاب الشهادة .
2 – أن كثيراً من تلك الروايات لم تصح أصلاً من حيث إسنادها .
3 – أن ذلك الأمر الذي حصل – إن جزمنا بحصوله واقعاً ، وهو ما سبب إشكالاً عند كثيرين – لم يكن مع امرأة أجنبية ، بل كان مع زوجةٍ من نسائه تشبه تلك التي ادُّعي عليها فعل الفاحشة مع ذلك الصحابي الجليل.
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله – : ” يظهر لنا في هذه القصة أن المرأة التي رأوا المغيرة رضي الله عنه مخالطاً لها عندما فتحت الريح الباب عنهما : هي زوجته ، ولا يعرفونها ، وهي تشبه امرأة أخرى أجنبية كانوا يعرفونها تدخل على المغيرة وغيره من الأمراء ، فظنوا أنها هي ، فهم لم يقصدوا باطلاً ، ولكن ظنهم أخطأ ، وهو لم يقترف – إن شاء الله – فاحشة ؛ لأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعظم فيهم الوازع الديني الزاجر عما لا ينبغي في أغلب الأحوال ، والعلم عند الله تعالى ” انتهى) (3)

■ومن فـــــــوائد قصة إســـــــــــــلام المغيرة بن شعبة رضي الله عنه :
▪︎ مرعاة الأصحـــــــاب لنفوس وخواطر بعضهم وخاصة في السفر .
الصُحبة في السفر تحتاج اشد ما تحتاج إليه ، مرعــاة النفوس والقلوب ، وعدم التمايز بين الاصحاب والأقران ، فإن ذلك يولد الأحقاد والتحاسد والغيرة ، وخاصة حينما يكون الجميع متساوي في المكانة والمنزلة العلمية والاجتماعية .
وحتي لو كانت هناك فروق بينهم ، فعليهم أن لا يلتفتوا لهذه الفروق ، وألّا يتعاملوا على أساسها .
ولقد رأينا ما أقدم عليه المغيرة بن شعبة قبل إسلامه ، حينما اهملوه أصحابه في سفرهم ، ولم يلتفتوا ان المقوقس اعتني بهم وزاد في هداياهم كونهم أبناء قبيلة او عائلة واحدة ، وتعامل مع المغيرة معاملة أقل في الاهتمام ، ثم بعد خروجهم من عند الملك لم يحاولوا ان يرضوا المغيرة أو يطيبوا خاطره ، مع أنّه تفضل عليهم بصحبتهم في هذا السفر من مكة إلى مصر ، أدي هذا الإهمال المزري إلى عزمه على قتلهم جميعاً وسلب أموالهم وممتلكاتهم .

وصلى الله تعالى وسلم وبارك علي سيدنا محمد واله وصحبه
بإذن الله تعالى نلتقي في الحلقة القادمة
_________
(1) البحر المحيط الثجاج – مصدر سابق .
(2) السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصحيحة – (قراءة جديدة) – أبو عمر، محمد بن حمد الصوياني – بتصرف يسير
(3) شبكة الدفاع عن السنة –
https://www.ddsunnah.net/forum/showthread.php?t=117725

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى