لا تتركوا يد أردوغان وحدها في سوريا

بقلم / جمال متولى الجمل

لا تتركوا يد أردوغان وحدها في سوريا

نجحت الثورة السورية في إسقاط نظام الأسدين الذي جثم على انفاس السوريين اكثر من 60 عاما ، وكانا فيها من اسوأ الأنظمة في العالم وليس في العرب فقط .
ولا شك بل من البلاهة أن لا نُقر او نتجاهل أن لأردوغان – تركيا – تدخل مباشر في نجاح الثورة بالانتباه للوقت المناسب واختياره واستثماره لدفع هيئة تحرير الشام سياسيا وعسكرياً ووصولها إلى دمشق لتحرر كل الشعب السوري من هذا الحكم المنحرف.

وقد أخطأ العرب خطئا فادحا حينما تقبلوا إعادة دمج بشار ونظامه في المنظومة العربية بعد ان تم طرده من الجامعة العربية ، وعدم انصياعه لنصائح من نصح الناصحين له باحترام حقوق السوريين والاعتراف بحقهم في المعارضة بدءاً من الجامعة العربية وانتهاءً بالامم المتحدة ..

واخطأ العرب حينما تركوا سوريا للإيرانيين والروس والامريكان وحزب الله وتركيا فضلا عن الكيان الصهيوني ، حتي عاث الجميع فيها تفريقاً وتشتيتا وتقسيماً وتمزيقا.

ويكرر العرب ثانيةً .. خطئهم – وعلى رأسهم – مصر بترك سوريا لأردوغان والغرب في آن واحد .
سوريا قلب العروبة ونبضها ، وسوريا بجغرافيتها وتاريخها ، وسوريا الوحدة الموحدة مع مصر تاريخيا ، قديما وحديثا ، وسوريا حرب أكتوبر 73 .
والخصائص الواحدة بين الشعبين الأصيلين المصري والسوري .
سوريا العمق الاستراتيجي والبعد القومي للأمة عموما ومصر خصوصا .

لا ندري لماذا تتباطأ مصر ومن ورائها العرب باستثناء السعودية وقطر من مد يد الاعتراف الرسمي والتعاون مع الواقع الجديد في سوريا ، والذي في نفس الوقت نفسه يصعب على العرب رفضه أياً كان ومهما كانت الأسباب – على الأقل في الوقت الحالى .

والعجيب أن الدول التي وضعت احمد الشرع نفسه وهيئته على قوائم الإرهاب فضلاً عن رصدها لملايين الدولارات لمن كان يمكنه أن يدلى بمعلومات تؤدي للقبض عليه ( أمريكا والغرب عموما ) هم هم الذين يتوافدون تتري على سوريا بوفود سياسية واقتصادية لاكتشاف وتحديد واقع التعامل مع القيادة الجديدة ( المؤقتة ) .

الاوربيين والأمريكان يلتقون بالشرع على مدي ساعات متقاربة ، ووفود ذاهبة ووفود عائدة وبمستويات سياسية رفيعة ( وعريضة ايضا !!) ويتحدثون معه في كل المواضيع ، ويتناقشون في كل شيئ !!
فما الذي يمنع العرب عموما ومصر خصوصا ، أن يذهبوا لسوريا ويحطوا رحالهم في دمشق ويجتمعوا بالشرع ويفتحوا معه كل الملفات والطلبات والأمنيات ؟؟

والأعجب أن الرئيس السيسي في لقائه الاخير مع الإعلاميبن ، وفي مبادرة إيجابية أعلن صراحة أن مصر مع خيارات الشعب السوري وان مصر ايضا مستعدة للمشاركة في إعادة إعمار وبناء ما افسده نظام الأسد ، وفي نفس الوقت تتسلط الآلة الإعلامية المصرية آخذة في شيطنة الثورة والردح للواقع الجديد في سوريا .

هل هذا سلوك سياسي وإعلامي يمكن أن يسمح بتنفيذ ما اعلنه الرئيس السيسي .
يمكننا أن نتفهم وجود شيئا من اسباب القلق .
ولكن لإزالة هذا القلق ، بل وصيانة الوطن من أسبابه من الواجب أن تكون مصر قلب الأمة العربية وأم الدنيا من اول المبادرين لمد يدها لسوريا ، وان لا تنتظر أكثر من ذلك .

ومن المعلوم ان العربية السعودية لديها نفس وذات القلق وربما أكثر من مصر ، ومع ذلك كانت من اوائل الوفود العربية التي حطت في دمشق !!.
وان المبادرة الان لمد اليد للواقع الجديد في سوريا تعني في ابسط المعاني بناء الثقة ، والاستعداد للتعاون فيما ينفع الشعبين ويعزز من مكانة القطرين لدي بعضهما ، وفي الواقع الإقليمي والدولى.

صحيح المثل الصيني القائل : أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي ، لكن في عالم السياسة ، الخطوة المبكرة والمبادرة فيها في احيان كثيرة تعني الفوز وحسن الإفادة والاستفادة.
واطالة امد اكتشاف الواقع الجديد لا يعني إلا دفعه للفضاء الأجنبي غير العربي سياسيا واقتصاديا.
وكلما زاد التأخر عن سوريا كلما زادت الاحتمالات من تعضيد وتمتين العلاقات غير العربية ( ….) السورية ، مما يزيد من مساحة سلبيات وجفاف العلاقة وتشقق اللُحمة العربية
وربما يتفاجأ العرب بمفاجاءآت كما تفاجؤا بهروب وسقوط بشار وانهيار حكمه في غمضة عين.

إن من الرشادة والحكمة – في رأيي – أن لا يتأخر العرب عموما وأن لاتتأخر مصر خاصة عن سوريا أكثر من ذلك .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى