تعرف على حبيبك النبي صلى الله عليه واله وسلم (693)
بقلم : جمال متولي الجمل
تعرف على حبيبك النبي صلى الله عليه واله وسلم (693)
غزوة بني قريظة (38)
بعضا من فوائد غزوة بني قريظة (3)
الحادي عشر: إراحة الله للمسلمين من شر الجوار ، وقد كان عليه الصلاة والسلام يذكر أصحابه وأمته بالتعوذ بالله من جار السوء ، فعن أبي هريرة صلى الله عليه واله وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم : “تعوذوا بالله من جار السوء في دار المقام فإن جار البادية يتحول عنك”، فلقد كان بنو قريظة وغيرهم من اليهود أشر خلق الله جواراً ، وأخبثهم أسراراً ، وأفجرهم خصومة، فكانت إبادتهم قطعاً لدابرهم وراحة للمدينة وأهلها من جوارهم ومكرهم وخِدعهم ، يقول القاسمي : (وبتمام تلك الغزوة أراح الله المسلمين من شر مجاورة اليهود الذين تعودوا الغدر والخيانة، ولم يبق إلا بقية من كبارهم بخير مع أهلها، وهم الذي كانوا السبب في إثارة الأحزاب) ، ولذلك يحذر كثيرا من عواقب التهور والطيش التي لا يجني أهلها منها إلا الوبال والدمار ، وهذا ليس في الحروب والمعاهدات فحسب بل في أمور الحياة كلها ، قال بعض العلماء: (يا لله ما أسوأ عاقبة الطيش فقد تكون الأمة مرتاحة البال هادئة الخواطر، حتى تقوم جماعة من رؤسائها بعمل غدر يظنون من ورائه النجاح فيجلب عليهم الشرور ويشتتهم من ديارهم، وهذا ما حصل لليهود، لم يوفوا بتلك العهود حسداً منهم وبغيا، فتم عليهم ما تم، فإن الله لا يصلح أعمالهم { وكان الله على كل شيء قديرا} الأحزاب 27.
الثاني عشر: احترام الإسلام لاختلاف وجهات النظر ما دامت عن اجتهاد سليم، والنبي صلى الله عليه واله وسلم قد أخبرنا أن كِلا الأطراف المجتهدة على أجر وفضل ، فالمجتهد المصيب له أجران ، والمجتهد المخطئ له أجر لاجتهاده ، فعن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال: ”إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران ، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر” ، والناس غالبا أحد رجلين،رجل يقف عند حدود النصوص الظاهرة لا يعدوها، ورجل يتبين حكمتها ويستكشف غايتها، ثم يتصرف في نطاق ما وعى من حكمتها وغايتها ولو خالف الظاهر القريب،وهذا ظاهر من اختلاف الصحابة رضي الله عنهم في فهم مراد الرسول صلى الله عليه واله وسلم في قوله ” لا يصلين أحدٌ العصر إلا في بني قريظة” ، وكل طائفة طبقت وعملت بما فهمته من النص ، ثُمَّ لم يُعنِف رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أحداً من الفريقين، وكِلا الفريقين يشفع له إيمانه واحتسابه، سواء أصاب الحق أو لا .
وذلك طالما أن النص يحتمل تعدد الفهم ، وتعدد الاجتهاد والوعي ، وحينئذ لا يُنكر على مجتهد .
الثالث عشر: أن مجازفة رؤساء القوم وتهورهم عن غير علم وبصيرة ونظرة للعواقب تكون مصدر وبال ودمار على أقوامهم ، يتكبدون معها كوارث ومصائب تصل إلى خسارة أرواحهم وأعمارهم ، وأمنهم ورغد عيشهم ، ودنياهم وآخرتهم ، وهذا ما حصل بالفعل لبني قريظة حينما سمعوا لزعيمهم البائد حيي بن أخطب ، ولو أنه وأقرانه سكنوا في جوار الإسلام، وعاشوا على العهد وميثاق المواطنة دون خرق لدستور وقانون العيش المشترك ، ما تعرضوا ولا تعرض قومهم لهذا القصاص الذي أودى بحياتهم ، ولكنهم دفعوا دماءهم ثمنا فادحاً لأخطاء قادتهم وزعماؤهم،
والمفترض في قائد القوم النظر في العواقب وفي مصالح قومه بعيداً عن العته والتصورات غير المدروسة وغير المحسوبة ، والمحتملة لعواقب وخيمة، ولذلك ينعى القرآن على أولئك الرؤساء مطامعهم ومطالبهم التي يحملها غيرهم قبلهم كما قال تعالى { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ} إبراهيم 28.
**- لفتة اخري غاية في الأهمية – أن القائد عليه إن رجح لديه مفاسد قرارات بعينها على كيانه أو امته أو جماعته ، ولو كانت هذه القرارات تم التصويت عليها بالأكثرية العددية ، عليه أن لا يلتفت مطلقاً لرأي الأغلبية – طالما انه يتخذ قرارته بتجرد مطلق ، ولا يسعى إلا لمصلحة الجماعة أو الكيان أو الأمة.
ولا يسير في اتجاه تبين له – مع تجرده – انه سيتسبب في خسائر ، وضعف أو خلل .
فالأكثرية ليست دائما على صواب – طالما إن القائد مخلصا متجردا من الهوي الشخصي .
ولقد رأينا في وقتنا المعاصر ، إن جماعة الإخوان المسلمين على سبيل المثال ، أخطأت في حق ذاتها وحق امتها لمجرد أن تصويت مكتب إرشادها رجح الدخول والاشتراك في انتخابات الرئاسة المصرية بصوتين فقط زائدين عن الرافضين ، دون أن يكون الاستعداد الحقيقي لخوض غمار قيادة دولة بحجم مصر ، ومكانتها في الأمة والعالم وحساسية مركزها بين الدول ، فلو أن زعيم بني قريظة حسم أمره وقد كان يعي مخاطر استجابته لمن غواه بنقض العهد – حيي بن أخطب- مع الرسول صلى الله عليه واله وسلم ، ولو أنه أهمل استشارة قومه الذين أخدتهم العنصرية ودفعتهم لاستمرار مواجهة المسلمين ، وهو ذاته يعلم أن هذه المواجهة محسومة للمسلمين ، فضلا عن علمه بنبوة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم – فكان عليه أن يكون حازما في اتخاذ قرار عدم نقض العهد ، مهما كانت المغريات ، ومهما تعدد المؤيدين من قومه له .
ونفس الشيء – على الشعوب ، وأعضاء الجماعات والكيانات، أن تقف حجر عثرة وتصد جموح قادتها ومسيرته الخاطئة التي تؤدي حتماً لإفنائها، أو تتسبب في ضعفها وخللها، وتأخذ على يديه بكل الوسائل ( السلمية) القانونية ( هذا إن كانت الجماعات او الكيانات ضمن دول مستقلة ذات سيادة ونظام) ، ولا تفرط في حقها في معارضة القائد المتهور الذي لا يعي ولا يحسب حساب المخاطر والخسائر في مواجهات، سياسية أو عسكرية ، أو اقتصادية غير مدروسة، وألا يقودها تعصبها الأعمى أو انكفائها على ذاتها ، ولا عدم دراستها للمخاطر ، للانقياد واستمرار الطاعة ، وتري رؤية العين أنها ذاهبة للهلاك ( وخاصة هذه الجماعات والكيانات الشاذة ، والمتطرفة، التي تحمل سلاحاً ، او فكراً عنيفاً أو تكفيراً ضد أوطانها وشعوبهم .
فإن الإنجراف لهذا السلوك الشاذ ما أفاد الأمة في شيئ على مدار الزمن والتاريخ ، بل تسبب في التشويه وهدم القيم ، ونفس الشيئ – على الشعوب ، واعضاء الجماعات والكيانات، ان تقف حجر عثرة وتصد جموح قادتها ومسيرته الخاطئة التي تؤدي حتماً لإفنائها، او تتسبب في ضعفها وخللها، وتأخذ على يديه بكل الوسائل ( السلمية) القانونية ( هذا إن كانت الجماعات او الكيانات ضمن دول مسقلة ذات سيادة ونظام) ، ولا تفرط في حقها في معارضة القائد المتهور الذي لا يعي ولا يحسب حساب المخاطر والخسائر في مواجهات، سياسية أو عسكرية ، او اقتصادية غير مدروسة، وألا يقودها تعصبها الأعمى أو انكفائها على ذاتها ، ولا عدم دراستها للمخاطر ، للانقياد واستمرار الطاعة ، وتري رؤية العين انها ذاهبة للهلاك ( وخاصة هذه الجماعات والكيانات الشاذة ، والمتطرفة، التي تحمل سلاحاً ، او فكراً عنيفاً أو تكفيراً ضد أوطانها وشعوبهم .
فإن الإنجراف لهذا السلوك الشاذ ما أفاد الأمة في شيئ على مدار الزمن والتاريخ ، بل تسبب في التشويه وهدم القيم ، حتي وصل الحال بوسم الإسلام – زورا – بالفوبيا والغوغائية.
( مع التأكيد على أن هذا المعني الأخير ، لا ينطبق على جماعات وكيانات مقاومة – قوي الاحتلال فقط – إذ انه تاريخيا وعسكريا وسياسيا ، دائما وابدا ماتكون المقاومة أقل قُدرة وإمكانات وعَتَاداً وعُدة من المحتل الغاصب ذاته ) ، ولا تلام المقاومة مطلقا على عملياتها الهادفة ولو لمجرد إزعاج المحتل واستمرار قلقه من احتلاله ، فهذا حق شرعي وقانوني وأممي ، لا ينكره إلا المتخاذلون.
الرابع عشر: كشفت غزوة بني قريظة أحوال بني يهود وما جبلوا وطبعوا عليه من الخلال القبيحة ، فهم إذا أمِنوا سفهوا البشرية ، وإذا سنحت لهم فرصة على المؤمنين قتلوا وسفكوا الدماء ، وإذا خافوا اتقوا الشر بمديح الناس وذكرهم بالمُثل العليا ليخدعوا بكلماتهم من يتلائمون ضده .
والكارثة أن من العرب والمسلمين من يصدقهم، او يتصور( خيالاً) انهم يؤمن جانبهم .
لا ندري كيف وأهم استراتيجية عندهم السطو والسيطرة واحتلال الأمة من النيل للفرات، وأنهم يؤمنون بأن كيانهم المغتصب المسمي باسرائيل حاليا ليس ألا مقدمة ونواة للكيان الأكبر المسمي باسرائيل الكبري ، وتأكدنا من ذلك ، ليس من تحليل السياسة والعسكرية لديهم ، بل رأيناهم لاهم لهم إلا إخراج اهل فلسطين اصحاب الحق والأرض من وطنهم ليحتلوه كاملا الان .
رأيناهم وقد وضعوا على اكتاف جنودهم خريطة إسرائيل الكبري التي تعني احتلال مساحة أرض العرب !! .
وينبغي أن يظل العرب والمسلمون في حالة يقظة لهذا المشروع الخبيث التي تسعي له الصهيونية منذ القرن التاسع عشر وحتي اللحظة .
هذا الوعي وهذه اليقظة يجب على كل مسلم أن يعيها تماما ويعلمها لابنائه ويتوارثها المسلمين في سائر محاور ومحاضن تعليمهم وتربيتهم ، كما كان عليها صحابة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم .
وصلى الله تعالى وسلم وبارك علي سيدنا محمد واله وصحبه
بإذن الله تعالى نلتقي في الحلقة القادمة