فهل لك أن تقبل رأسى وتنجو بنفسك

المهندس / محمد صلاح

فهل لك أن تقبل رأسى وتنجو بنفسك
ذكر ابن كثير وغيره: أن عمر بن الخطاب بعث جيشاً لحرب الروم، وكان من ضمن هذا الجيش عبد الله بن حذافة رضي الله تعالى عنه، فطال القتال بين المسلمين والروم وعجب قيصر الروم من ثبات المسلمين وجرأتهم على الموت، فأمر أن يحضر بين يديه أسير من المسلمين، فجاءوا بـعبد الله بن حذافة يجرونه، والأغلال في يديه، والقيود في قدميه، فلما أوقفوه أمام قيصر، تحدث معه فأعجب بذكائه وفطنته، فقال له: تنصَّر وأطلقك من الأسر، فقال عبد الله : لا. فقال: تنصَّر وأعطيك نصف ملكي. قال: لا. قال: تنصَّر وأعطيك نصف ملكي وأشركك معي في الحكم.
فقال عبد الله: والله لو أعطيتني ملكك وملك آبائك وملك العرب والعجم على أن أرجع عن ديني طرفة عين ما فعلت!!.
فغضب قيصر وقال: إذاً أقتلك. قال: اقتلني
فأمر به قيصر فسحب وعلق على خشبة، وجاء قيصر وأمر الرماة أن يرموا السهام حوله ولا يصيبوه، وهو في أثناء ذلك يعرض عليه النصرانية وهو يأبى وينتظر الموت، فلما رأى قيصر إصراره أمر أن يمضوا به إلى الحبس، ففكوا وثاقه، ومضوا به إلى الحبس، وأمر أن يمنعوا عنه الطعام والشراب، فمنعوهما حتى إذا كاد أن يهلك من الظمأ والجوع، أحضروا له خمراً ولحم خنزير فلما رآهما عبد الله قال: [والله إني لأعلم أني مضطر وأن ذلك يحل لي الآن في ديني، ولكني لا أريد أن يشمت بي الكفار] فلم يقرب الطعام، فأخبر قيصر بذلك فأمر له بطعام حسن، ثم أمر أن تدخل عليه امرأة حسناء تتعرض له بالفاحشة، فأدخلت عليه أجمل النساء وجعلت تتعرض له وتتزين وهو معرض عنها، وهي تتمايل أمامه وتتغنج وهو لا يلتفت إليها، فلما رأت المرأة ذلك خرجت وهي غضبى، وهي تقول: والله لقد أدخلتموني على رجل لا أدري أهو بشر أم حجر، وهو والله لا يدري عني أأنا أنثى أم ذكر!!
فلما يئس منه قيصر، أمر بقدر من نحاس، ثم أغلي فيها الزيت، ثم أوقف عبد الله بن حذافة أمامها وأحضروا أحد الأسرى المسلمين موثقاً بالقيود حتى ألقوه في هذا الزيت، وغاب جسده في الزيت، ومات وطفت عظامه تتقلب فوق الزيت، وعبد الله ينظر إلى العظام.
فالتفت قيصر إلى عبد الله وعرض عليه النصرانية فأبى، فاشتد غضب قيصر وأمر به أن يطرح في القدر، فلما جروه إلى القدر وشعر بحرارة النار، بكى ودمعت عيناه، ففرح قيصر وقال: تتنصر وأعطيك.. وأمنحك.. قال: لا. قال: فما الذي أبكاك؟!
فقال عبد الله: أبكي -والله- لأنه ليس لي إلا نفس واحدة تلقى في هذا القدر فتموت،
ولقد -والله- وددت أن لي بعدد شعر رأسي نفوساً كلها تموت في سبيل الله مثل هذه الموتة.
فقال له قيصر: قَبِّل رأسي وأخلي عنك، فقال عبد الله: وعن جميع أسرى المسلمين عندك؟ قال: نعم. فقبل رأسه ثم أطلقه ومعه الأسرى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى