تعرف على حبيبك النبي صلى الله عليه واله وسلم (689)

بقلم / جمال متولى الجمل

تعرف على حبيبك النبي صلى الله عليه واله وسلم (689)

غزوة بني قريظة (34)

تفنيد الشبهات المُثارة حول غزوة بني قريظة (6) .

بطلان قصة سبي ريحانة القُرظية

الخامسة : سبي النبي صلى الله عليه واله وسلم لريحانة بنت زيد بن عمرو بن خنافة بن شمعون ، من بني النضير ، والتي كانت متزوجة من رجل اسمه الحكم من بني قربظة لذلك نسبت لهم – وقيل انها قُرظية .

وخلاصة الشبهة : الادعاء بأن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم اصطفاها لنفسه ، إذ كانت جميلة ، وأكرهها على الإسلام ( مع أن هناك روايات تقول انه عرض عليها الاسلام فلما رفضت تركها وأعرض عنها ) ثم أدخلها في إمائه، أو زوجاته .

الرد على هذه الشبهة :
هذه الروايات الذاكرة لريحانة بنت زيد بن عمرو ، كل رواياتها ضعيفة السند و لا يصح منها سنداً واحدا باي طريق من الطرق المروية !!

و كل الرويات البالغة قُرابة 18 رواية ، فيها تضارباً في المتن نفسه.
فتارة هي زوجة للنبي صلى الله عليه واله وسلم و تارة هي سريته ( أمة من الإماء – أي عبدة ) !!
و تارة يتزوجها من دون ان يطلقها و تارة يتزوجها و يطلقها ثم يعود اليها !
و تارة هي قرظية و تارة هي نضيرية !!.
و غير ذلك من التخبطات في متون الروايات !!!
و حاصل الامر انه لا يصح بأي درجة اي رواية عن سبي النبي صلى الله عليه واله وسلم ، لريحانة او تزوجه بها

و لكن قد – يقول قائل بأن كثرة طرق هذه الروايات قد يجعلها صحيحة أو على الأقل حسنّة كما هي القاعدة في احتمالية تحسين او تصحيح بعض الاحاديث لكثرة عددها او لتحسين او تصحيح نفس معناها في احد الرويات ! مما يعني احتمالية ان يكون للقصة اصلا (سواءا كان ذلك بزواج او بملك اليمين و هذا الغالب)
و من اقوى تلك القرائن التي ربما يتذرع بها البعض في التصحيح او التحسين على الأقل :

اولا :كثرة طرق الرواية التي قد تصل الى التواتر الذي يفيد اليقين بوجود اصل للقصة و رفعها الى درجة الحسن ( كما يقول البعض )
و هي في الحقيقة ثمان طرق نذكرها :

1. طريق الواقدي (ثمان روايات و رواية ابن سعد التي سقط فيها اسمه).
2. طريق زهير بن العلاء (روايتين بارسال قتادة).
3. مرسل ابن اسحاق ( روايتي الطبري و ابن هشام)
4. مرسل الزهري.
5. طريق محمد بن الحسن بن زبالة ( بارسال يحيى بن سعيد الانصاري)
6. مرسل ابو عبيدة معمر بن المثنى.
7. طريق سيف بن عمر التميمي (الرواية منسوبة الى ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها).
8. طريق القاسم بن عبيد الله بن مهدي الاخميمي (الرواية منسوبة الى امامة بن سهل بن حنيف رضي الله عنه).

ثانيا : قرينة الحديث الموجود في صحيح البخاري كتاب الغسل
265 حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا معاذ بن هشام قال حدثني أبي عن قتادة قال حدثنا أنس بن مالك قال : ” كان النبي صلى الله عليه واله وسلم يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار وهن إحدى عشرة قال : قلت لأنس أوكان يطيقه قال كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثين وقال سعيد عن قتادة إن أنساً حدثهم تسع نسوة ”
قال ابن حجر رحمه الله في فتح الباري في شرح صحيح البخاري كتاب الغسل :
(وهؤلاء جميع من دخل بهن من الزوجات بعد الهجرة على المشهور واختلف في ريحانة وكانت من سبي بني قريظة فجزم ابن إسحاق بأنه عرض عليها أن يتزوجها ويضرب عليها الحجاب فاختارت البقاء في ملكه والأكثر على أنها ماتت قبله في سنة عشر وكذا ماتت زينب بنت خزيمة بعد دخولها عليه بقليل قال ابن عبد البر : مكثت عنده شهرين أو ثلاثة ، فعلى هذا لم يجتمع عنده من الزوجات أكثر من تسع مع أن سودة كانت وهبت يومها لعائشة كما سيأتي في مكانه فرجحت رواية سعيد ، لكن تحمل رواية هشام على أنه ضم مارية وريحانة إليهن وأطلق عليهن لفظ ” نسائه ” تغليبا).

الشاهد :
لكن تحمل رواية هشام على أنه ضم مارية وريحانة إليهن وأطلق عليهن لفظ ” نسائه ” تغليبا.
و على هذا من جعلهن تسعة حسب الزوجات و من حسبهن احدى عشر ادخل السراري
فاعُتبر أن قول ابن حجر ذلك يجعل قصة سبي ريحانة صحيحة او حسنة !

ثالثا : قرينة الاية الكريمة في قوله تعالى في سورة الاحزاب : { ياأيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك} .
*- نقرا في تفسير الطبري رحمه الله :
وقوله ( أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك ) يقول : وأحللنا لك إماءك اللواتي سبيتهن ، فملكتهن بالسباء ، وصرن لك بفتح الله عليك من الفيء .
*- نقرا في تفسير القرطبي رحمه الله :
الثالثة : قوله تعالى : {وما ملكت يمينك} أحل الله تعالى السراري لنبيه صلى الله عليه واله وسلم ولأمته مطلقا ، وأحل الأزواج لنبيه عليه الصلاة والسلام مطلقا ، وأحله للخلق بعدد ، وقوله مما أفاء الله عليك أي رده عليك من الكفار . والغنيمة قد تسمى فيئا ، أي مما أفاء الله عليك من النساء بالمأخوذ على وجه القهر والغلبة .
فهذه التفاسير وإن لم تذكر ريحانة بالإسم ، إلا انها تفيد ان لقصة سبيها أصل !

ولكن القول بأن ما سبق قرائن لجعل للقصة أصل عليه اعتراضات أصيلة من وجوه :
اولها: ان كون القصة اتت بطرق متعددة هو وهم لانها كما شاهدنا ثمان طرق و عند بعض اهل العلم هذا غير كافي للتواتر.
قال ابن حجر رحمه الله في كتابه نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر عند مصطلح اهل الاثر :
(وتلك الكثرة أحد شروط التواتر إذا وردت بلا حصر عدد معين ، بل تكون العادة قد أحالت تواطؤهم أو توافقهم على الكذب ، وكذا وقوعه منهم اتفاقا من غير قصد .
فلا معنى لتعيين العدد على الصحيح ، ومنهم من عينه في الأربعة ، وقيل : في الخمسة ، وقيل : في السبعة ، وقيل : في العشرة ، وقيل : في الاثني عشر ، وقيل : في الأربعين ، وقيل : في السبعين ، وقيل غير ذلك .
وتمسك كل قائل بدليل جاء فيه ذكر ذلك العدد ، فأفاد العلم للحال ، وليس بلازم أن يطرد في غيره لاحتمال الاختصاص .)
**- و على هذا فان هذه القصة لا تصح عند اكثر اهل العلم

بل ان ابن حجر رحمه الله وفي نفس المصدر ذكر شروطا لقبول المتواتر :
(فإذا ورد الخبر كذلك وانضاف إليه أن يستوي الأمر فيه في الكثرة المذكورة من ابتدائه إلى انتهائه والمراد بالاستواء أن لا تنقص الكثرة المذكورة في بعض المواضع لا أن لا تزيد ، إذ الزيادة هنا مطلوبة من باب أولى ، وأن يكون مستند انتهائه الأمر المشاهد أو المسموع ، لا ما ثبت بقضية العقل الصرف .
فإذا جمع هذه الشروط الأربعة ، وهي :
عدد كثير أحالت العادة تواطؤهم و توافقهم على الكذب .
ورووا ذلك عن مثلهم من الابتداء إلى الانتهاء .
وكان مستند انتهائهم الحس .
وانضاف إلى ذلك أن يصحب خبرهم إفادة العلم لسامعه .
فهذا هو المتواتر ، وما تخلفت إفادة العلم عنه كان مشهورا فقط . فكل متواتر مشهور ، من غير عكس )

وصلى الله تعالى وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه
بإذن الله نلتقي في الحلقة القادمة
____________

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى