وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوت

بقلم د / ياسرجعفر

وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوت

ربما يسأل القارئ نفسه ويقول ان القتل جريمه كبري لماذا قتل داود جالوت ؟!
نعم اخي القارئ المحترم ان القتل جريمة كبري ولكن سيدنا داود قتل الفساد دمر الفساد انهي علي الفساد من هو جالوت !؟
كان جالوت جبّاراً و مجرماً و حاكماً على بني إسرائيل ، وكان ينشر الفساد في الأرض
“*النبي داوود يقتل*” جالوت تواجه الفريقان، فخرج جالوت من بين صفوف جيشه طالباً المبارزة كان متكبرا مغرورا يريد المبارزة ليقتل ويسفك الدماء، فلم يخرج أحدٌ من صفوف جيش طالوت لعلمهم بقوة جالوت وطغيانه، فنادى مرةً أخرى فلم يخرج أحدٌ لمبارزته، هنا تدخل الملك الصالح طالوت فقال لجيشه من يبارز جالوت ويقتله زوجته ابنتي، وجعلته قائداً للجيش، فخرج من بين الصفوف شاب صغير السن فقير الحال وكان هذا الشاب هو ” *داوود عليه السلام*” فاستغرب جنود طالوت كيف يستطيع هذا الشاب مبارزة جالوت، إلا أنّ داوود كان معتمداً على قوة إيمانه فقتله، وبذلك انتهت المعركة بانهزام جيش جالوت وانتصار جيش الملك طالوت، وما لبث أن أصبح داوود عليه السلام ملكاً على بني إسرائيل.
صراع بين اهل الحق واهل الباطل ، صراع بين الصالح والطالح ، صراع بين اهل الفساد واهل الصلاح ، صراع بين اهل الشر، واهل الخير ، وانتصر اهل الخير واهل الحق علي اهل الفساد واهل الباطل ، ففي الواقع لايوحد فساد بعد تنفيذ شرع الله ولايوجد اهل باطل هذا امر طبيعي من ناحيه الشرع وحدود الله ، ولو زهبنا الي سورة الكهف في ايه ٧٤ قال تعالي( *فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا*﴾
[ سورة الكهف: 74]
الآية
وهنا قُتل الغلام لحكمة ربانية غيبية ، يعلم الله سبحانه وتعالي ان الغلام سوف يكون فاسدا ظالما ، ويمتد الفساد والظلم الي والديه وهذا مرفوض تماما في الشرع ، حينما يقع الفساد والظلم فيكونا علاجهما البتر ، لان هذا يكون سببا في تعطيل شرع الله ، والفساد مرض فيروسي خطير يجعل من الباطل حقا ويشوه الحقائق ، ففي الحديث:(*الغلامُ الذي قَتَلَهُ الخَضِرُ طُبِعَ يَومَ طُبِعَ كافِرًا ، و لو عاشَ لَأَرْهَقَ أبَويْهِ طُغيانًا و كَفَرَا*)
الراوي : أبي بن كعب | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع | الصفحة أو الرقم : 4183 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه مسلم (2661) باختلاف يسير.
وفي روايه:
(*الغلامُ الذي قتلهُ الخضِرُ طبُع كافرًا، ولو عاش لأرهقَ أبوَيهِ طغيانًا وكفرًا*)
الراوي : أبي بن كعب | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم: 4705 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
التخريج : أخرجه مسلم (2661)
خَلَقَ الله سُبْحانَه وتَعالى الخَلْقَ والأكوانَ، وقَدَّرَ مَقاديرَ كُلِّ شيءٍ، وبعِلْمِه عَلِمَ أَهْلَ الجَنَّةِ وأَهْلَ النَّارِ، وكلٌّ مُيَسَّرٌ لِما خُلِقَ له، واللهُ سُبْحانَه يُعَلِّمُ بَعْضَ عبادِه ما يَشاءُ مِنَ العِلْمِ الغَيبيِّ، وقد كان الخَضِرُ عبدًا صالحًا آتاه اللهُ مِنْ هذا العِلْمِ، وأعْلَمَه أنْ يَقْتُلَ الغُلامَ الصَّغيرَ الَّذي ذَكَر قِصَّتَه في سُورةِ الكَهْفِ.
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: “الغُلامُ الَّذي قَتَلَه الخَضِرُ”، وهو الَّذي ذُكِرَ في قِصَّةِ موسى والخَضِرُ في قولِه تعالى: { *فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَه قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا*} [الكهف: 74]، وقولِه: { *وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاه مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا*} [الكهف: 80]، “طُبِعَ كافِرًا”، أي: خُلِق وقُدِّرَ له أنْ يَكونَ كافرًا في عِلْمِ اللهِ، “ولو عاش”، أي: لو تَرَكَه الخَضِرُ ولَمْ يَقْتُلْه، “لأَرْهَق أبَوَيه طُغيانًا وكُفْرًا”، أي: لكان سَببًا في أنْ يَحْمِلَهُما حُبُّه على أنْ يُتابِعاه على دِينِه، والطُّغيانُ: اسمٌ لكُلِّ باطِلٍ، وهذا مِنْ عِلْمِ اللهِ الغيبيِّ الَّذي أُمِرَ بِه الخَضِرُ أنْ يَقْتُلَ هذا الغُلامَ حتَّى يَظَلَّ الأبَوانِ مُؤمِنَيْنِ.
وفي الحديثِ: أنَّ اللهَ يُقدِّرُ للمُؤمِنِ ما فيه الخيرُ له في دُنياه وآخِرتِه

إنّ عالم الإمكان عالم واسع فسيح، فالله تعالى يمكن أن يدع هذا الغلام حيّاً ويبقيه لوالديه ويرزقهما معه غيره, ولكن الله تعالى لا يفعل إلاّ بحكمة وقدر.
فممّا يظهر نقول: بأنّ هذا الغلام كان كافراً مؤذياً طاغياً سيؤذي والديه بشكل كبير قد يصل بهما إلى الإبتعاد عن الإيمان أو عن الراحة، لقوله تعالى: ((*فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً*))(الكهف (18): 80). فرأفةً بهما أمر الله تعالى بقتله.
وكذلك فقد يكون الله تعالى قد قدّر لهما أن يكون لهما ابن واحد في هذه الدنيا، ولذلك وجب الإبدال والترجيح بين الصالح والطالح، فقتله كان مبرّراً ولمصلحة مقبولة.
وقد يكون الله تعالى بصبرهما أو تألمهما على هذا الغلام يثيبهما ذلك الابن الصالح البار.
وقد يقتضي قتله لأنّه ببقائه معهما يجعلهما كافرين أو متابعين له لكلّ ما يريد محبّة له وانقياداً لتجاوزاته، وتبريراً لأفعاله القبيحة فلا يستحقّان وهما على تلك الحالة أن يرزقا بتلك البنت الصالحة التي أنجبت سبعين نبيّاً، فلولا قتله لما أبدلهما الله تعالى بتلك الجارية (البنت)، ولمّا استحقّا هذه المكرمة العظيمة التي هي اختيار الله تعالى الذي هو خير من اختيارنا قطعاً، فالخير فيما يختاره الله تعالى.
ان الفساد والظلم ضد شرع الله وضد السنن الكونية ، إنّ من الواضح أنّ هناك حكمة الإلهية وراء قتل هذا الغلام بسبب طغيانه وفساده، ولكن الإشكالية تكمن في أنّ الله قادر على أن يأخذ هذا الغلام من دون الاعتماد على الخضر(عليه السلام)، إذاً ما سبب الاستعانة به(عليه السلام) والله الأقدر على فعل أيّ شيء وهوالمحي والمميت؟ والاستعانه بالخضر عليه السلام ، حكمه ربانيه ان ينبغي تغير الفساد بالقوة ولو وصل الامر الي قتل المفسدين في الارض وكما موضح في قوله تعالي(*إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ*﴾
[ المائدة: 33]
المحاربون لله ولرسوله، هم الذين بارزوه بالعداوة، وأفسدوا في الأرض بالكفر والقتل، وأخذ الأموال، وإخافة السبل.
والمشهور أن هذه الآية الكريمة في أحكام قطاع الطريق، الذين يعرضون للناس في القرى والبوادي، فيغصبونهم أموالهم، ويقتلونهم، ويخيفونهم، فيمتنع الناس من سلوك الطريق التي هم بها، فتنقطع بذلك.
فأخبر الله أن جزاءهم ونكالهم -عند إقامة الحد عليهم- أن يفعل بهم واحد من هذه الأمور.
واختلف المفسرون: هل ذلك على التخيير، وأن كل قاطع طريق يفعل به الإمام أو نائبه ما رآه المصلحة من هذه الأمور المذكورة؟ وهذا ظاهر اللفظ، أو أن عقوبتهم تكون بحسب جرائمهم، فكل جريمة لها قسط يقابلها، كما تدل عليه الآية بحكمتها وموافقتها لحكمة الله تعالى.
وأنهم إن قتلوا وأخذوا مالًا تحتم قتلُهم وصلبهم، حتى يشتهروا ويختزوا ويرتدع غيرهم.
وإن قتلوا ولم يأخذوا مالا تحتم قتلهم فقط.
وإن أخذوا مالا ولم يقتلوا تحتم أن تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، اليد اليمنى والرجل اليسرى.
وإن أخافوا الناس ولم يقتلوا، ولا أخذوا مالا، نفوا من الأرض، فلا يتركون يأوون في بلد حتى تظهر توبتهم.
وهذا قول ابن عباس رضي الله عنه وكثير من الأئمة، على اختلاف في بعض التفاصيل.
{ ذَلِكَ } النكال { لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا }- أي: فضيحة وعار { وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } فدل هذا أن قطع الطريق من أعظم الذنوب، موجب لفضيحة الدنيا وعذاب الآخرة، وأن فاعله محارب لله ولرسوله.
وإذا كان هذا شأن عظم هذه الجريمة، علم أن تطهير الأرض من المفسدين، وتأمين السبل والطرق، عن القتل، وأخذ الأموال، وإخافة الناس، من أعظم الحسنات وأجل الطاعات، وأنه إصلاح في الأرض، كما أن ضده إفساد في الأرض.
وان سبب انتشار الفساد هم اليهود قديما وحديثا واليهود يسعون في الارض بالفساد لمحاربه دين الله وتحكموا في المناصب والكراسي علي مستوي العلم ليتمكنوا بالفساد ، لمحاربة دين الله ، تحالفوا مع ابليس لدمار الشعوب وصنعوا لهم الوان الفساد والجوع والتشرد وحاربوا أهل الدين ونصبوا الكراسي لاصحاب الفساد والعقول التالفة التي تدمر الاقتصاد وتُسقط الدول بمعاونة الخونة والعملاء في الداخل والخارج ،
إن إفساد اليهود وفسادهم قديم قدم وجودهم في الأرض فقد ظهر فسادهم في عهد بختنصر ملك بابل فعمد إلى قتلهم وتشريدهم وهذا ما بيّنه الله لنا في كتابه العزيز حيث قال ( وقضينا إلى نبي إسرائيل في الكتاب لتُفسدنَّ في الأرض مرتين ولعلُنّ علوّا كبيراً  فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأسٍ شديد فجاسوا خلال الدِّيار وكان وعداً مفعولاً ) سورة الإسراء . لكن الله أعاد لهم الكرة وعاد ملكهم إليهم وأمدهم الله بالنعم وجعلهم الأكثر في الأموال والبنين فهل شكروا وتابوا وأنابوا ؟؟ لا والله مع أن شكرهم وتوبتهم لا تعود فائدتهما إلا إليهم ومع ذلك عادوا إلى الفساد والإفساد فأعاد الله عليهم العقوبة مرة أخرى وسلّط عليهم ملوك فارس والروم فقتلوهم وسبوهم ودخلوا مسجد بيت المقدس وخربوه ودمّروه وكانت هذه المرة أشد وأكبر كما قال تعالى ( وليُتبِّروا ما علوا تتبيرا ) ثم لفت الله أنظارهم بلفتة كريمة بقوله ( عسى ربكم أن يرحمكم ) أي لعلكم إن علمتم صدق ما ذكر الله لكم في التوراة من هذا الفساد وأن الله لا يخلف الميعاد وأنه وعده ووعيده حق لا يتخلف فترجعون وتتوبون وتأخذوا العبرة مما حصل لكم ؟! بل قال بعض المفسرين ( أن عسى من الله واجبة ) فقد رحمهم مرة ثالثة وجعل لهم الدولة لكنه أنذرهم وتوعّدهم بقوله ( وإن عدتم عدنا ) فهـل انـتهوا ولم يعودوا ؟؟ بل والله عادوا إلى فسادهم مما يدل على أن الفساد يجري في عروقهم فحقق الله فيهم وعيده وسلّط عليهم رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم والمؤمنين فأجلاهم النبي صلى الله عليه وسلم من ديارهم وهم بنو قريظة وبنو النضير وبنو قينقاع وطهّر الأرض من رجسهم . فهذا هو تاريخ فساد اليهود عبر القرون .
واليهود هم اصل الفساد والغدر والشر
“*غدر بني النضير*”
في السيرة كذلك نجد قصصاً من غدر يهود، مثل بني النضير ومن بعدهم بني قريظة، وقبلهم بني قينقاع. فأما غدر بني النضير حسب رواة السير، أنهم حاولوا اغتيال النبي الكريم – ﷺ – بعد أن ذهب إليهم في شأن لهم صلة به يتباحث معهم، وقد رحبوا به – ﷺ – بادئ الأمر، ثم خلا بعضهم ببعض، بعد أن جلس رسول الله – ﷺ – مع بعض أصحابه إلى جانب جدار من بيوتهم، فقالوا: إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه، فَمَنْ رجل يعلو على هذا البيت، فيلقي عليه صخرة فيريحنا منه؟ فقام أشقاهم وهو عمرو بن جحاش بن كعب، فقال: أنا لذلك، فصعد ليلقي عليه صخرة، فأتى رسول الله – ﷺ – الخبر من السماء بما أراد القوم.. إلى آخر القصة.

وفي رواية أخرى لغدر بني النضير قد تكون هي الأصح حسب بعض رواة السير، أن تآمرهم بدأ منذ خروج الصحابة مهاجرين إلى المدينة، لكن فاجأهم النبي – ﷺ – بعلمه بما يقومون به مع كفار قريش، وذكّرهم بالمعاهدة التي بينهم وبينه، فتوقفوا.

لكنهم عادوا بعد غزوة بدر مرة أخرى بعمل دنيء خسيس. حيث أرسلوا إلى النبي – ﷺ – أن يخرج إليهم في ثلاثة من أصحابه، ليلقاهم ثلاثة من أحبارهم، فإن « آمنوا بك اتبعناك « هكذا كانت رسالتهم. فوافق الرسول الكريم على ذلك.

كانت خطتهم – كما جاء في فتح الباري لابن حجر العسقلاني – أن يخرج اليهود الثلاثة ومعهم خناجر مخفية يقومون بمهمة الاغتيال على حين غرة. لكن تنامى خبر ذلك إلى امرأة من بني النضير لها أخ من مسلمي الأنصار، فأخبرته بأمر بني النضير، ليقوم الأنصاري من فوره بإعلام النبي – ﷺ – قبل أن يخرج إليهم.

قرر عليه الصلاة والسلام بعد ذلك الخبر، أن يصبّحهم بالكتائب المسلمة، فحاصرهم يومها بعد قتال ومناوشات لم يستمر ويصبر عليها يهود بنو النضير، فلجأوا إلى حصونهم كعادتهم في القتال من وراء جُدُر، ليدخلوا بعد ذلك في خلافات بينية، وصار بأسهم بينهم شديدا. ومكثوا على ذلك مدة، فيما الحصار يشتد حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحُبت، خاصة بعد أن أحرق المسلمون نخيلهم، فما كان منهم إلا رفع رايات الاستسلام، خاضعين لما يأمرهم به النبي – ﷺ – فأمر لهم ما أقلّت الإبل إلا السلاح، فاحتملوا ما يستطيعون حمله، حتى أبواب بيوتهم، فكانوا يخربون بيوتهم بأيديهم فيهدمونها، ويحملون ما يقدرون عليه من خشبها. وكان جلاؤهم ذلك أول حشر الناس إلى الشام.
“*غدر بني قريظة*”
لم يتعظ هذا الفرع من يهود مما جرى لفروعهم السابقة، بني النضير ومن قبلهم بني قينقاع. حيث دخل بنو قريظة في عمل أقبح وأكثر خسة وإجراماً وخطراً على المسلمين، في وقت كان المسلمون بأمس الحاجة للمساندة من أي حليف.

وعلى رغم أن بني قريظة كانوا في معاهدة سلام وأمان واحترام وعدم اعتداء مع دولة الإسلام، إلا أنهم كعادتهم نقضوا العهد هذا، من بعد أن غرّتهم كثرة الأحزاب النجسة المشركة حول المدينة، وقد وجدوها فرصة ثمينة للنيل من المسلمين، على رغم أنه لم يكن قد وجدوا من المسلمين تجاههم ما يستدعي ذلك النقض، لكنها نفوس مجبولة على الخسة ونقض العهود والمواثيق منذ القدم وإلى يوم الناس هذا، بل إلى ما شاء الله للأرض أن تدوم، وهذا ليس بالأمر الجديد نقرأه عليكم. فكان جزاؤهم المعروف المستحق، قاسياً بقسوة خيانتهم لله وللرسول في أحرج الأوقات والظروف.

إنّ قصص الغدر والخيانات كثيرة في كل الحضارات، وتتكرر في كل زمان ومكان، بل لم ولن تتوقف إلا بتوقف الحياة على هذه البسيطة. وما رد الفعل من ضحايا الخيانات حين تنقلب الأمور لصالحهم، سوى بعض الجزاء الدنيوي العادل، فيما الأخروي يعلمه الله. وما سرد قصص الخيانات تلك بالأمر الجديد، لكن من باب العبرة والعظة، لأنها تتكرر بنفس السيناريوهات أحياناً. وحتى لو اختلفت، واختلفت الوجوه فيها، فالقصص هي ذاتها، بنفس الأهداف والتوجهات، وكذلك آثارها هي ذاتها. لكن الغرابة أن تتكرر مع أناس كان أسلافهم ضحايا غدر وخيانات، فإذا بهم اليوم سائرون على المنوال نفسه مع الغادرين والخائنين، في صورة لا يمكن تفسيرها سوى أنها الحماقة، لا أكثر ولا أقل.. نعم إنها الحماقة التي أعيت من يداويها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى