واجب الاغنياء نحو الفقراء

بقلم د/ ياسر جعفر

واجب الاغنياء نحو الفقراء
من عظمه الدين الاسلامي انه دين العدل والمساواه والعزة والكرامه ، لقد شرع الله عز وجل لنا الدين ليصلح لنا حياتنا ونسعد في الدارين فديننا هو الدين الوحيد الذي يحقق السعادة للفرد والمجتمع لأنه الدين الشامل الذي يتلائم مع الفطرة البشرية لأن الله تعالى هو الذي خلق الكون ويعلم ما يصلحه وما يفسده ﴿ *أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ*﴾ [الملك: 14].
فاالدين الاسلامي وضع اُوسس وقوانيين لاقامه العدل لافرق بين غني ولا فقير الا بالتقوي ولاابيض علي اسود الا بالتقوي هذه هي عداله السماء ، اذا غابت قوانيين القران بين الناس ضاع العدل والمساواه وانتشر الفساد واستشري الظلم في كل مكان ، امر الله سبحانه وتعالي رسوله صلى الله عليه وسلم وهو امر عام لجميع رؤساء الامم الاسلامية والعربيه الذين يتولون امر المسلمين ٱن ياخذوا من اموال الأغنياء مايردونه علي فقراء الأمة الإسلامية حتي لايكون المال ( دولة بين الاغنيا من حهة) كما هو حاصل في زماننا الذي انتشر فيه الظلم وضاعت الحقوق بسبب بُعدنا عن كتاب الله تعالى وسنه رسوله صلى الله عليه وسلم، اصبحت المليارات في يد فئه معينه وهي فئه الظلم والبخل ، ونسوا فقراء الأمة والضعفاء والمساكين ، وحتي أن يقوم الفقير بواجبة نحو المجموع الاسلامي كعضو عامل فيه ، هذه الصدقة تطهر المسلمين جميعا وتزكيهم فوق كونها مطهرة المال ذاته وتنمية فهي تطهر الغني بما تخلق فيه من شعور الطاعة والأخلاص قي الائتمار بأمر الله ، وتزكية بما يشعر في ذات نفسه حين إخراج الصدقة ،بأنه يعين علي تقريرالنظام واستقرار الامان بين افراد الامة الإسلامية هذه الصدقة تطهر الفقير مما قد يجوس خلال نفسه من الوساوس نحو أغنياء الامة وبخلائها وتشعره بإحسان هذه الطائفة إلية فيركن إليها ويزداد توددا نحوها ، وتزكيه بما تشعره بمركزه في الأمة فيسعي جاهدا ان يكون عضو نافعا فيها ويتجه إلي إحسان ماينبغي أن يطلب إلية من عمل هذه الصدقة تطهر المجموع الإسلامي بما تجعل فيه من روح التعاون والتٱلف بين الغني والفقير ، وتزكية بما تخلق فيه من الأمن والطمأنينة بين افراد الامة جميعا ، ولما في هذه الصدقة من منفعة عامة اخبر الله الثقليين أنه هو الذي يأخذ الصدقات واعتبرها قرضا له سوف يردة ردا حسنا ويكافئ عليها أحسن المكأفاءة قال تعالي (*إِن تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۚ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ*﴾
[ التغابن: 17]
فاخبر انه يضاعف هذا القرض عند رده ويزيد علي ذالك المغفرة وهي أفضل مايسعي اليه المرئ في هذه الحياة الفانية ، وينبغي تطبيق هذا علي مستوي الفرد والمجتمع والدول ، فهناك دول تحتاج للمساعدة بسبب الحصار الا عليها من اعداء الاسلام اصحاب الحقد الاسود ، ولما كان النظام الاسلامي ينص علي أن المسلم أخو المسلم لايظلمه ولا يحقره ولايخذله ولا يشتمه ، وأن المؤمن للمؤمن كاالبنيان يشد بعضه بعضا وانه قد نص صراحة علي انه لايكمل إيمان المرء حتي يحب لاخيه مايحب لنفسه وأن المسلمين أكفاء بعضهم لبعض ويكفي قول الله سبحانه وتعالى (*إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ*﴾
[ الحجرات: 10]
فلهذا وجب ان يكون التضامن عاما بين جميع افراد الأمة الإسلامية لافرق بين غنيهم وفقيرهم وأن هذا التضامن يستلزم أن يقوم الغني بواجبه وان يقوم الفقير بواجبه كذالك، أما ان يتمتع الغني بماله وجاهه ويترك الفقير يتضور جوعا ويقتل بردا وتفتك به جراثيم الأمراض كما يحدث مع الاف في المجتمع وملاين من المسلمين في الاراضي العربيه ،فهذا امر لايرضاه الله ولا رسوله ولا تعاليم الامة الاسلامية، ونحن داخلين في برد الشتاء فينبغي علينا ان ننظر الي اخواننا في فلسطين وان نمد لهم يد العون في جميع مايحتجونه من ملابس وغطاء وادويه ومواد غذائيه وننظر ايضا الي الفقراء في بلاد اخري تحتاج الي العون من الاغنياء ، فينغي مساعده الفقراء والمساكين والضعفاء في كل شئ ليس بالمال ولكن الوقوف معاهم في وقت الشدائد ووقت المناسبات الاجتماعية في الافراع وفي الموتي والمرض والزيارات ، فلا تنهض الامم الا بنصرة هؤلاء الضعفاء ، واعلم اذا كان هناك اهمال وتقصير في حق الفقراء والضعفاء والمساكين ، فلا نصر ولارزق ولا مشاريع ولا نهوض للامة ، انسي ياحبيبي انك تنهض ولا هتشوف اي نهوض ولا مشاريع ولا فيه بركة ، هذا بنص حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (*هلْ تُنْصَرونَ إلا بضعفائِكمْ ؟ بدعوتِهم و إخلاصِهم*)
الراوي : سعد بن أبي وقاص | المحدث : السيوطي | المصدر : الجامع الصغير | الصفحة أو الرقم : 9572 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
وفي روايه:
(*رَأَى سَعْدٌ رَضِيَ اللَّهُ عنْه أنَّ له فَضْلًا علَى مَن دُونَهُ، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هلْ تُنْصَرُونَ وتُرْزَقُونَ إلَّا بضُعَفَائِكُمْ؟!*)
الراوي : مصعب بن سعد | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 2896 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح
وفي هذا الحَديثِ يَروي مُصعَبُ بنُ سَعدٍ أنَّ سَعدَ بنَ أبي وَقَّاصٍ رَضيَ اللهُ عنه رَأى أنَّ له فَضلًا على مَن دُونَه مِنَ الضُّعَفاءِ؛ لِقُوَّتِه وشَجاعَتِه في الغَزَواتِ، فذَكَّرَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بفَضلِ مَن هو دُونَه مِنَ الضُّعَفاءِ عليه، وأنَّ اللهَ يَرزُقُهم ويَنصُرُهم بسَبَبِ دُعائِهم، فإذا كان القَويُّ يَنصُرُ اللهُ به المُسلِمينَ بشَجاعَتِه وقُوَّتِه في مُحارَبةِ الأعداءِ؛ فإنَّه تعالَى يَنصُرُ المُسلِمينَ أيضًا بدُعاءِ ضُعَفائِهم وتَذَلُّلِهم للهِ تَعالى؛ وذلك أنَّ عِبادةَ الضُّعَفاءِ ودُعاءَهم أشَدُّ إخلاصًا، وأكثَرُ خُشوعًا؛ لِخَلاءِ قُلوبِهم مِنَ التَّعلُّقِ بزُخرُفِ الدُّنيا وزِينَتِها، وَصفاءِ ضَمائِرِهم، فكان هَمُّهُم واحِدًا، وقد أرادَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بهذا القَولِ حَضَّ سَعدٍ رَضيَ اللهُ عنه على التَّواضُعِ، ونَفْيَ الكِبْرِ والزَّهْوِ عن قُلوبِ المُؤمِنينَ؛ حتَّى لا يَحتقِرَ أحَدٌ أحَدًا مِنَ المُسلِمينَ.
وفي الحَديثِ: الاستِعانةُ بدُعاءِ الضُّعَفاءِ على النَّصرِ على الأعداءِ؛ لِأنَّ النَّصرَ إنَّما هو مِن عِندِ اللهِ؛ فلا يَنبَغي الاعتِمادُ فيه على مُجرَّدِ القُوَّةِ العَسكريَّةِ، أوِ البُطولةِ والشَّجاعةِ، وإنَّما يَنبَغي الاعتِمادُ على اللهِ، والإكثارُ مِنَ التَّضرُّعِ والاجتِهادِ في الدُّعاءِ

ومعنى “ابغوني”؛ أي: اطلبوا رضاي في ضعفائكم، وتقربوا إليَّ بالتقرب إليهم، وتفقُّد حالهم، وحفظ حقوقهم، والإحسان إليهم قولًا وفعلًا واستنصارًا بهم، فهم الأحق بمجالستي وبالقرب مني.

(*الرواية الرابعة*)وهي عند النسائي بزيادة تبين معنى الروايات السابقة، ولفظه: (*إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها؛ بدعوتهم، وصلاتهم، وإخلاصهم*)
وان الامة في ازلال وانكسار بسبب اعراضها عن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وعدم نصرة الفقراء والضعفاء ، اين الامة تجاه اهالينا في غزة واليمن والعراق وسوريا والهند ،،الخ ، وفي جميع بلاد المسلمين الذين يحتاجون يد العون والمساعدة،
معنى: (إنما تنصرون وترزقون بضعفائكم)؛ أي: إنما تمكَّنون من الانتفاع بما أخرجنا لكم، وتُعانون على عدوكم، ويُدفع عنكم البلاء والأذى؛ بسبب وجود ضعفائكم بين أظْهُركم، أو بسبب رعايتكم لهم، أو ببركة دعائهم، فما السر في ذلك؟
السر في ذلك أن الضعفاء أشد إخلاصًا في الدعاء، وأكثر خضوعًا في العبادة؛ لجلاء قلوبهم عن التعلق بزخرف الدنيا؛ فالضعيف إذا رأى عجزه وعدم قوته تبرَّأ عن الحول والقوة بإخلاص، ورقَّ قلبه واستكان لربه وتضرع إليه، فيستجيب الله دعاءه، ويحقق له رجاءه، وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله، بخلاف القوي؛ فإنه يظن أنه إنما يغلب الرجال بقوته، فَيَكِلُه الله إلى نفسه على قدر عُجبه، ويكون ذلك سببًا للخِذلان.
ومن هنا استدل بعض العلماء على استحباب إخراج الشيوخ والصبيان في صلاة الاستسقاء.
والمقصود بالضعفاء: من يكون ضعفه في بدنه (المرض الجسماني)، أو في نفسه (المرض الذهني والنفسي)، أو في حاله (الفقر وقلة ذات اليد)، والنصوص تشمل الأنواع الثلاثة.

فإن قيل بأن المقصود بالضعفاء هم من يستضعفهم الناس لفقرهم ورَثاثَتِهم؛ لأنهم هم الذين يستطيعون الدعاء والصلاة، كما في رواية النسائي التي أشرت إليها قبل قليل.

فالجواب أن الدعاء والصلاة والإخلاص قد تتحقق في النوعين الآخرين ليس من المريض نفسه، وإنما ممن يقوم على رعايته، فكم من مريض يتضرع أهله إلى الله، وتنكسر له قلوبهم أكثر من صاحب المرض ذاته!
إِنَّما تنصرون وترزقون بضعفائكم: أي إِنَّما تُمَكَّنون من الانتفاع بما أخرجنا لكم، وتعانون على عدوكم، ويُدْفع عنكم البلاء والأذى، بسبب وجود ضعفائكم بين أظهركم، أو بسبب رعايتكم لهم أو ببركة دعائهم، فما السِّرُّ في ذلك؟
وحينما تركنا الضعفاء والمساكين والفقراء من المجتمع ومن الأمة في البلاد العربيه قام اعدائنا بالاستهزاء والسخرية من امة ضعيفه ذليله منكسرة ليس لها اي صفه ولا محل من الاعراب؟!

السِّرُّ في ذلك أن الضعفاء أشد إخلاصاً في الدعاء وأكثر خضوعاً في العبادة لجلاء قلوبهم عن التعلق بزخرف الدنيا ؛ فالضعيف إذا رأى عجزه وعدم قوته تبرّأ عن الحول والقوة بإخلاص، ورقّ قلبه واستكان لربه وتضرع إليه، فيستجيب الله دعاءه ويحقق له رجاءه، وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله، بخلاف القوي فإنه يظن أنه إنما يغلب الرجال بقوته، فيكله الله إلى نفسه على قدر عجبه، ويكون ذلك سَبَباً للخذلان
قال تعالي :(*وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُم ۖ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ ۖ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ*﴾
[ آل عمران: 180]

أي: ولا يظن الذين يبخلون،- أي: يمنعون ما عندهم مما آتاهم الله من فضله، من المال والجاه والعلم، وغير ذلك مما منحهم الله، وأحسن إليهم به، وأمرهم ببذل ما لا يضرهم منه لعباده، فبخلوا بذلك، وأمسكوه، وضنوا به على عباد الله، وظنوا أنه خير لهم، بل هو شر لهم، في دينهم ودنياهم، وعاجلهم وآجلهم { *سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة }- أي: يجعل ما بخلوا به طوقا في أعناقهم، يعذبون به كما ورد في الحديث الصحيح، “*إن البخيل يمثل له ماله يوم القيامة شجاعا أقرع، له زبيبتان، يأخذ بلهزمتيه يقول: أنا مالك، أنا كنزك*” وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم مصداق ذلك، هذه الآية.
فهؤلاء حسبوا أن بخلهم نافعهم، ومجد عليهم، فانقلب عليهم الأمر، وصار من أعظم مضارهم، وسبب عقابهم.
{ *ولله ميراث السماوات والأرض* }- أي: هو تعالى مالك الملك، وترد جميع الأملاك إلى مالكها، وينقلب العباد من الدنيا ما معهم درهم ولا دينار، ولا غير ذلك من المال.
قال تعالى: { *إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون* } وتأمل كيف ذكر السبب الابتدائي والسبب الغائي، الموجب كل واحد منهما أن لا يبخل العبد بما أعطاه الله.
أخبر أولا: أن الذي عنده وفي يده فضل من الله ونعمة، ليس ملكا للعبد، بل لولا فضل الله عليه وإحسانه، لم يصل إليه منه شيء، فمنعه لذلك منع لفضل الله وإحسانه؛ ولأن إحسانه موجب للإحسان إلى عبيده كما قال تعالى: { *وأحسن كما أحسن الله إليك* } فمن تحقق أن ما بيده، فضل من الله، لم يمنع الفضل الذي لا يضره، بل ينفعه في قلبه وماله، وزيادة إيمانه، وحفظه من الآفات.
ثم ذكر ثانيا: أن هذا الذي بيد العباد كلها ترجع إلى الله، ويرثها تعالى، وهو خير الوارثين، فلا معنى للبخل بشيء هو زائل عنك منتقل إلى غيرك.
ثم ذكر ثالثا: السبب الجزائي، فقال: { *والله بما تعملون خبير* } فإذا كان خبيرا بأعمالكم جميعها -ويستلزم ذلك الجزاء الحسن على الخيرات، والعقوبات على الشر- لم يتخلف من في قلبه مثقال ذرة من إيمان عن الإنفاق الذي يجزى به الثواب، ولا يرضى بالإمساك الذي به العقاب.
لذلك قاتل ابو بكر الصديق اهل الردة حين شحوا بأداء الزكاة فقال(*قال أبو بكر رضي الله عنه والله ، لو منعونِي [ عِقَالا ] مما أَخَذَ منهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم لقاتلتهُم عليه ، وكان يأخذُ مع البعيرِ عِقَالا ثم قرأ { وَمَا مُحَمّدٌ إِلّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلْ* }
وفي روايه في صحيح البخاري:
(*لَمَّا تُوُفِّيَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وكانَ أبو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، وكَفَرَ مَن كَفَرَ مِنَ العَرَبِ، فَقالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عنْه: كيفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ؟ وقدْ قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أُمِرْتُ أنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حتَّى يقولوا: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فمَن قالَهَا فقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ ونَفْسَهُ إلَّا بحَقِّهِ، وحِسَابُهُ علَى اللَّهِ فَقالَ: واللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَن فَرَّقَ بيْنَ الصَّلَاةِ والزَّكَاةِ، فإنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ المَالِ، واللَّهِ لو مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ علَى مَنْعِهَا قالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عنْه: فَوَاللَّهِ ما هو إلَّا أنْ قدْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَ أبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، فَعَرَفْتُ أنَّه الحَقُّ*
وفي هذا الحَديثِ يَروي أبو هُرَيرةٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه بعْدَما ارتدَّ وكَفَر مَن كَفَر مِن العَرَب بعْدَ موتِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، عَزَم الخليفةُ أبو بَكرٍ الصِّدِّيقُ رَضيَ اللهُ عنه على إرسالِ الجُيُوشِ لِمُقاتَلَتِهم وإجْبارِهم على دفْعِ الزَّكاةِ، فقال له عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه مُستَنكِرًا قِتالَهم: كيف تُقبِلُ على قِتالِهم وإهدارِ دِمائِهم وهم يَشْهَدون أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وقد أَخْبَر صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مَن قالها فقد عَصَم دمَه ومالَه إلَّا إنِ استَحَقَّ ذلك، وحِسابُه بعْدَ ذلك على الله؟! فقال له أبو بكرٍ رَضيَ اللهُ عنه: «واللهِ لَأُقاتِلَنَّ مَن فرَّق بيْنَ الصَّلاةِ والزَّكاةِ؛ فإنَّ الزكاةَ حَقُّ المالِ»؛ وذلك لأنَّ الزكاةَ مُستحَقَّةٌ في مالِهم، يَجِبُ عليهم أَداؤُها، وكما أنَّ الصلاةَ فَرِيضةٌ لا يجوزُ إنكارُها، فالزَّكاةُ فَرِيضةٌ أيضًا لا فَرْقَ بيْنَها وبيْنَ الصلاةِ، ثُمَّ قال رَضيَ اللهُ عنه: «واللهِ لو مَنَعُونِي عَنَاقًا كانوا يُؤَدُّونها إلى رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَقاتَلْتُهم على مَنْعِها»، والعَنَاقُ: هي الأُنثَى مِن المَعْزِ، وفي رِوايةٍ: «عِقَالًا»، والعِقَالُ: هو الحَبْلُ، وهي مُبالَغةٌ منه رَضيَ اللهُ عنه أنَّه سيُقاتِلُهم على أيِّ شَيءٍ كانوا يُؤَدُّونه للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثُمَّ امْتَنَعوا عن أَدائِه، فأقْسَمَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه عندَ سَماعِه ذلك مِن أبي بكرٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه ما إنْ ذَكَر أبو بكرٍ رَضيَ اللهُ عنه ما استَدَلَّ به على قِتالِهم حتَّى انْشرَح صَدرُه لِمَا يُقْدِمُ عليه، وعَلِم أنَّه الحقُّ بِما ظَهَر مِنَ الدَّليلِ والحُجَّةِ الَّتي أقامَها، لا أنَّه قَلَّدَه في ذلك.
وقد كان هذا مِن تَوفيقِ اللهِ تعالَى لأبي بكرٍ رَضيَ اللهُ عنه، حيثُ إنَّه أثْبَت قوَّةَ دولةِ الإسلامِ الجديدةِ، فرجَع كثيرٌ ممَّن ارتَدُّوا، وعادُوا إلى الطاعةِ والعملِ بكلِّ شرائعِ الإسلامِ
وفي الحديث النبوي(*- أنَّ امرأةً دخلت على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ وفي يدِها مَسكتانِ غليظتانِ من ذهبٍ فقال لها : أتؤدِّينَ زكاةَ هذا ؟ قالت : لا قال : أيسُرُّكِ أن يُسوِّرَكِ اللهُ بهما يومَ القيامةِ سواريْنِ من نارٍ ؟ ! فألقتْهما ، وقالت : هما للهِ ولرسولِه*) رواه جد عمرو بن شعيب
وفي روايه :
*(أنَّ امرأةً أتت رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ومعها ابنةٌ لها وفي يدِ ابنتِها مَسكتانِ غليظتانِ مِن ذهبٍ فقالَ لها أتُعطينَ زَكاةَ هذا قالت لا قالَ أيسرُّكِ أن يسوِّرَكِ اللَّهُ بهما يومَ القيامةِ سوارينِ من نارٍ قالَ فخلعَتْهما فألقتْهما إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وقالت هما للَّهِ عزَّ وجلَّ ولرسولِه*)
اخرجه ابو داود والترمزي والنسائي

#نَهَى اللهُ عزَّ وجلَّ عنْ كَنْزِ الأموالِ والحُليِّ ما لم تُؤدَّ زَكاتُه، وتَوعَّدَ مَن فَعَل ذلِك بالنَّارِ، وفي هذا الحَديثِ أنَّ امرأةً مسلمةً أتتْ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ومعها ابنةٌ لها، وفي يَدِ ابنتِها مَسَكَتَانِ غليظتانِ من ذَهَبٍ، أي: من الأَسْوِرَةِ والخلاخيلِ، فقال لها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «أَتُعْطينَ زكاةَ هذا؟» أي: هل تُخرِجينَ زَكاةَ هذا الحُلِيِّ؟ فقالت: لا، فقال لها: «أيسُرُّكِ أنْ يُسَوِّرَكِ اللهُ بهما يومَ القيامةِ سِوارَيْنِ من نارٍ؟!» وهذا كقولِه تعالى عن مانعي الزَّكاةِ: { *يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ*} [التوبة: 35]، فخَلعَتْهما فألقَتْهما إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقالتْ: هما للهِ عزَّ وجلَّ ولرَسولِه، أي: تصدَّقَتْ بهما خوفًا من اللهِ عزَّ وجلَّ.
وقد اختلَفَ العلماءُ في زَكاةِ الحُلِيِّ، فقال بعضُهم: فيها الزَّكاةُ إذا بلغَتِ النِّصابَ وحال عليها الحَوْلُ وهو العامُ القمريُّ، وقال بعضُهم: ليس فيها زكاةٌ؛ لأنَّها مِن المُقتْنَيَاتِ التي يَستخدِمُها الإنسانُ.
وفي الحديثِ: التَّحذيرُ والترهيبُ مِن تَرْكِ إخراجِ الزَّكاةِ.
وفيه: فَضْلُ هذِه المرأةِ، وبيانُ ما كان عليه الصَّحابةُ رضِي اللهُ عنهم مِن سُرعةِ الاستجابةِ لأوامرِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم
ولا يفوتنا في هذا المجال من المقال ان انوه ان هناك اشخاص يحبون التسول باسلوب يرفضه الدين لان قوة المؤمن في عزة النفس فينبغي ان تكون المساعدة لاصحاب المرض واصحاب الاعاقات المذمنه ،وينبغي المساعدات للفقراء والمحتاجين والمساكين بعمل مشاريع لهم لتجنب التواكل والبطاله
ففي الحديث(*أنَّ عبدَالرحمنِ بنَ عوفٍ جاء إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وبهِ أَثرُ صفرةٍ فسألهُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فأخبرَهُ أنَّهُ تزوجَ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كمْ سُقتَ إليها قال زنةَ نواةٍ مِنْ ذهبٍ فقال لهُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أولمْ ولوْ بشاةٍ*)اخرجه البخاري
حَثَّ الشَّرعُ الإسلاميُّ المطهَّرُ المسلِمَ على التَّعفُّفِ والعمَلِ وعدَمِ التَّسوُّلِ، أو الاعتمادِ على الصَّدَقاتِ؛ لأنَّ المسلِمَ يَنْبغي له أنْ يَحفَظَ كَرامتَه وهَيبتَه، ولا يُرِيقَ ماءَ وَجْهِه للنَّاسِ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى