تعرف على حبيبك النبي صلى الله عليه واله وسلم ( 670)

بقلم : جمال متولي الجمل

غزوة بني قريظة (15)نطق سعد بن معاذ رضي الله عنه بالحكم
أرسل رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لسعد بن معاذ رضي الله عنه ليحكم فيهم ، فجاء سعد رضي الله عنه وأمر النبي صلى الله عليه واله وسلم صحابته بالقيام إليه لينزلوه من على حِماره ، واخبره بأن الجميع رضي ان يحكموه في جريمة بني قريظة ، فنطق بالحكم الذي وفقه الله تعالى فيه – فأصدر حكماً عادلاً مناسباً لضخامة وعِظم خيانتهم ، وهو القتل لكل يافع ( شاب قادر على القتال ) منهم وسبي نسائهم وذراريهم واموالهم ، وأقرّ رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بأن حكم سعد بن معاذ رضي الله حُكماً موفقاً وافق حكم الله عز وجل فيهم .عَنْ أَبَى سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه ، قَالَ: نَزَلَ أَهْلُ قُرَيْظَةَ عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ واله وَسَلَّمَ إِلَى سَعْدٍ، فَأَتَاهُ عَلَى حِمَارٍ، فَلَمَّا دَنَا قَرِيبًا مِنَ الْمَسْجِدِ(1)، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَنْصَارِ: «قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ» أَوْ «خَيْرِكُمْ»، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ هَؤُلَاءِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ»، قَالَ: تَقْتُلُ مُقَاتِلَتَهُمْ وَتَسْبِي ذُرِّيَّتَهُمْ، قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ واله وَسَلَّمَ: «قَضَيْتَ بِحُكْمِ اللهِ»، وَرُبَّمَا قَالَ: «قَضَيْتَ بِحُكْمِ الْمَلِكِ» صحيح مسلم .من فقه الحديث وفوائده :
– (منها): جواز التحكيم في أمور المسلمين، وفي مهماتهم العظام، وقد أجمع العلماء عليه، ولم يخالف فيه إلَّا الخوارج، فإنهم أنكروا على عليّ – رضي الله عنه – التحكيم، وأقام الحجة عليهم.
2 – (ومنها): جواز مصالحة أهل قرية، أو حصن على حكم حاكم مسلم عدل صالح للحكم، آمين على هذا الأمر، وعليه الحكم بما فيه مصلحة للمسلمين.
3 – (ومنها): أن الْمُحَكَّم إذا حكم بين الناس بشيء لزمهم حكمه، ولا يجوز للإمام، ولا لغيره الرجوع عنه، ولهم الرجوع قبل الحكم، والله أعلم، قاله النوويّ (1)، وقال ابن المنيّر – رَحِمَهُ اللهُ -: يستفاد من الحديث: لزوم حكم المحكّم برضا الخصمين. انتهى (2).

(4) وقال الألباني – رحمه الله تعالى – في السلسلة الصحيحة : فائدتان :
1ـ اشتهر رواية هذا الحديث بلفظ : ” لسيدكم ” ، والرواية في الحديث كما رأيت : ” إلى سيدكم ” ، و لا أعلم للفظ الأول أصلا
2 – و قد نتج منه خطأ فقهي ، واشتهر الاستدلال بهذا الحديث على استحباب القيام للقادم والداخل ، وأنت إذا تأملت في سياق القصة يتبين لك أنه استدلال ساقط من وجوه كثيرة ، أقواها قوله صلى الله عليه واله وسلم ” فأنزلوه “(3) فهو نص قاطع على أن الأمر بالقيام إلى سعد إنما كان لإنزاله من أجل كونه مريضا ، .. والمعروف أنه قال : ” قوموا إلى سيدكم ” ، قاله صلى الله عليه واله وسلم لجماعة من الأنصار لما جاء سعد بن معاذ – رضي الله عنه – محمولاً على حمار و هو جريح … أي : أنزلوه وحملوه ، لا قوموا له ، من القيام له .
ولذلك قال الحافظ : ” وهذه الزيادة تخدش في الاستدلال بقصة سعد على مشروعية القيام المتنازع فيه , وقد احتج به النووي في ( كتاب القيام ) … ” . أ . هـ

وصلى الله تعالى وسلم وبارك علي سيدنا محمد واله وصحبه
بإذن الله تعالى نلتقي في الحلقة القادمة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) (فَلَمَّا دَنَا قَرِيبًا مِنَ الْمَسْجِدِ) قيل: المراد: المسجد الذي كان النبيُّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أعدّه للصلاة فيه في ديار بني قريظة أيام حصارهم، وليس المراد به المسجد النبويّ بالمدينة أ.ه من البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الامام مسلم بن الحجاج .
(2) البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الامام مسلم بن الحجاج .
(3) كما في رواية مسند احمد بسند حسن – قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَلَمَّا طَلَعَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ واله وَسَلَّمَ قَالَ : قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ فَأَنْزَلُوهُ فَقَالَ عُمَرُ : سَيِّدُنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ . قَالَ : أَنْزِلُوهُ ، فَأَنْزَلُوهُ ”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى