طلحة بن عبيد الله

المهندس / محمد صلاح

طلحة بن عبيد الله

(هذا ممن قضى نحبه ..رسول الله ﷺ)
هو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد الثمانية الذين سبقوا للإسلام، وأحد الـستة
أهل الشورى الـذين توفي رسول الله ﷺ وهو عنهم راضي، إنه طلحة الخير كما سماه
رسول الله ﷺ يوم أحد، وطلحة الفياض كما سماه في موضع آخر، وطلحة الجود كما
سماه في موضع ثالث، إنه طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه وأرضاه.
طلحة هذا الذي لا يعرفه الكثير منا والذي لم نقرأ عنه في مناهجنا شيئا حال دون
وقوع أكبر جريمة كانت ستعرفها الإنسانية في التاريخ، ولمعرفة السبب الذي جعل من
طلحة شهيدا يمشي على الأرض، ينبغي عليك أن تتحول بقلبك إلى الجزيرة العربية،
لتدع روحك ترافق أبا بكر الصديق نلي وهو يلهث راكضا كما لم يركض أحد من قبل
متجها إلى جبل أحد محاو لا مسابقة الزمن قبل فوات الأوان، قبل أن يفقد صديق عمره
وقد أحاط الكفار به من كل جانب، هناك كان رسول الله ﷺ في أحرج ساعة صل الله عليه وسلم في حياته،
فلقد كان رسول الله ﷺ محاصرا من الكفار وقد عزموا على قتله، ليس حوله إلا تسعة
أبطال مسلمين سقط منهم سبعة دفاعا عنه، ليبقى بجانبه مدافعان اثنان، أحدهما
سنكتشفه في نهاية هذا الكتاب، والآخر سيكتشفه أبو بكر لنا الآن!
فقد أخذ أبو بكر يسارع الخطى وأنفاسه تكاد تنقطع، ليلمح من بعيد وهو يمد
ناظريه قبالة صديقه رجلا يتحرك كالشبح ويقاتل كالنمر ذودا عن رسول الله ﷺ أمام
رهط من فرسان قريش، فترمى على رسول الله ﷺ السهام فيتلقاها، وترمى عليه الرماح
فيتصدى لها، فيتمنى أبو بكر أن يكون هذا الأسد هو نفسه ذلك الـذي في باله، فـإذا كان
هو الذي في باله فإن صاحبه لا بـد أن يكون في أمان بحراسة ذلك الـصنديد المغوار،
عندها قال أبو بكر في نفسه: «كن طلحة فداك أ بي وأمي!… كن طلحة فداك أبي و مي »
وصدق ظن الصديق، لقد كان هذا الفدائي هو الشخص الذي يتمناه، إنه طلحة ابن
عبيدالله! هناك كان طلحة يقاتل ببسالة ما عرفت كواسر الأرض مثلها يـدافع عن رسول الله ﷺ: بجسده وروحه ووجدانه، فقد كانت السهام تتطاير نحو الرسول الله ﷺ ليقفز طلحة
كالنمر نحو الرسول الله ﷺ محيطا به ليتلقى السهام بنفسه، قبل أن يرجع مرة أخرى لمقاتلة
الكفار بسيفه والدماء تتصبب من كل مكان في جسده.
وفجأة… ينطلق سهم خارق من أعظم رام سهام عرفته العرب نحو رسول الله ﷺ
مباشرة، فتلمح عين طلحة السهم وهو يقاتل المشركين، فيسرع كالبرق الخاطف ليسبق
هذا السهم قبل أن يصل إلى أعظم إنسان خلقه الله في الكون، وبينما الـسهم يحرو
الفضاء متوجها بنجاح نحو صدر الرسول الله ﷺ وإذ بيد طلحة تمتد لتحضن السهم احتضانا في
شرايينها، عندها نظر رسول الله ﷺ إلى يد طلحة والدماء تسيل من عروقها ليقول له: لو
قلت بسم الله لرفعتك الملائكة والناس ينظرون» وبينما رسول الله ﷺ ينظر إلى تلميذه بشفقه
وحنان، وصل أبو بكر ومعه أبو عبيدة يريدان حمايته، ليقول لهما رسول الله ﷺ بحنان
الوالد وهو ينظر إلى ولده الحبيب: ادونكم أخاكم فقد أوجب» عندها لم يصدق الصديق عينيه !
فلقد وجد أبو بكر جسد طلحة ملطخا بالـدماء حتى أخمص قديمه وبه بضع وستون جرحا ما بين ضربة وطعنة ورمية دفاعا عن رسول الله ﷺ
هل كنت تعلم شيئا عن عظمة طلحة؟ أعلمت الآن لماذا قال رسول الله ﷺ :
«طلحة والزبير جاراي في الجنة؟» إذا لم تكن تعلم شيئا عن طلحة من قبل فعليـك أن تعلـم أن أعداء الأمة يعرفون تاريخنا أكثر منا، بل يعلمون جيدا من هم أبطالنا ورموزنا الـذين نحن عنهم مبعدون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى