شهادة صينية ترد على خدعة رئيس الحكومة د . مصطفي مدبولى حول اساس تنمية الصين
كتب / جمال متولى الجمل
شهادة صينية ترد على خدعة رئيس الحكومة د مصطفي مدبولى حول اساس تنمية الصين
منذ يومين صرح رئيس الوزراء د . مصطفي مدبولى بأن الصين استثمرت بقوة في البنية التحتية دون النظر للديون ، وتقدمت بعد 30 عاما .
ومن البديهي أن نفهم من هذا التصريح ( الخادع ) ان إنفاق مصر على (نشاط المقاولات) والتي تسميه بنية تحتية مهم وأساس للنهضة القادمة .
وبالطبع ليس معني ذلك أننا نهمل أهمية أن تأسيس شبكة الطرق ( بنية تحتية عظيمة الأهمية بالفعل ) وكذلك التطوير في الكهرباء ( مع ملاحظات عليها مهمة وخاصة تكاليفها الباهظة على عامة الشعب) وبنية المواصلات أشد في الملاحظات وخاصة انها بعيدة عن المواصلات البينية بين المحافظات والتي هي أهم ما كان ينبغي فيها من اجل الاستثمار والتجارة – وعدم الاكتفاء بما تم تسميته تطوير السكة الحديد لأنها احد انواع المواصلات وليست كل المواصلات .
المهم ان الصين في نهضتها ليس كما ( يخدعنا ) رئيس الحكومة ، كونها تأسست على البنية التحتية ، التي يقصدها سيادته ويمني الشعب بها ( بعد 30 سنة من الان – يامين يعيش ) .
الصين اعتمدت على خطوط نهضوية متوازنة اعتمدت على البنية التحتية ، وفي نفس المسار انتقلت من الاعتماد على الزراعة إلى الزراعة والصناعة معاً ، وركزت على التنمية ومحاربة الفقر ، والقفز بالتعليم والتكنلوجيا.
وهو ما تحتاجه مصر فعلا لو ارادت تأسيس نهضة جادة – وكان تمهيد الطرق مجرد ضلع من اضلاع التنمية .
سأنقل هنا ماكتبه احد الاكادميين الصينين عن نهضة الصين وكيف بدأت وتأسست .
أولاً : انظروا لهذه الأرقام التي أصدرتها كلية لندن للاقتصاد: ففي عام 1978، بلغت قيمة صادرات الصين 10 مليارات دولار فقط، أي أقل من 1 في المئة من حجم التجارة العالمية. ولكن في عام 1985، بلغت قيمتها 25 مليار دولار، وبعد عقدين فقط ارتفعت قيمة الصادرات الصينية إلى 4,3 تريليون دولار مما جعل الصين أكبر دولة مصدرة للسلع في العالم(1) .
ثانيا : كان من أهم أهداف الاصلاح الصيني ، العمل والسعي لإسعاد المواطن وتحقيق نهضة الأمة باعتباره هدفًا وغاية.
ونجحت القيادة فى اتخاذ قرارات استراتيجية حاسمة فى اللحظات المفصلية فى تاريخ الصين الحديث لإنقاذ اقتصاد البلاد من الانهيار.
ويعود فضل نهضة الصين الاقتصادية أساسًا إلى السيد دينغ شياو بينغ الذى أدرك الضرورة الملحّة لتخليص البلاد من الفقر وفتح أبوابها على مصراعيها أمام العالم الخارجى بهدف مواكبة ركب الاقتصاد العالمى من خلال التعامل الإيجابى مع موجة العولمة.
حيث شدد على أهمية التنمية الاقتصادية وتحسين معيشة الشعب ، ومن مقولاته الشهيرة: “لا يهم أن تكون القطة سوداء أم بيضاء المهم أن تأكل الفأر”
وبعد تولى الرئيس شى جين بينغ مقاليد الحكم عام 2012، بدأ يولى أهمية كبرى للبناء الذاتى.
وكان شعار المرحلة الجديدة “ضرب النمور والذباب معًا” يعنى بذلك يعتزم اجتثاث جذور الفساد بكل أشكاله وصوره ومهما كان منصب المسئولين المتورطين فى قضايا الفساد.
وأطلقت القيادة الصينية حملة تاريخية بهدف القضاء على الفقر بشكل نهائى.
واستثمرت الحكومة وأوساط اجتماعية مختلفة جهودًا جبارة وموارد مالية هائلة فى المناطق النائية والفقيرة وتحسنت الظروف المعيشية لعدد كبير من أهالى الريف وأعلن الرئيس شى جين بينغ فى نهاية عام 2020 عن النجاح التام لحملة القضاء على الفقر.
فخلال العقود الأربعين الماضية، تخلص ما يزيد عن 800 مليون نسمة من الفقر بما يشكّل 70% من نتائج الحملة لمحاربة الفقر.
كانت القيادات الصينية المتعاقبة تتمسك بالتنمية باعتبارها القضية الأولى والمركزية، إلى جانب قضية القضاء نهائيًا على الفقر.
نال الحزب الشيوعى الصينى ثقة ومصداقية الشعب حيث تصل شعبيته إلى 93.1% وفقًا لاستطلاع الرأى الذى أجراه فريق أبحاث من جامعة هارفارد الأمريكية عام 2019.
وقد ارتكزت الإصلاحات الاقتصادية الصينية فى بداية الأمر على زيادة الإنتاج الزراعى والصناعى واستكمال إنشاء البنى التحتية فى الريف والحضر وإنشاء نظام حوكمة الشركات الحديثة ما أرسى أسسًا راسخة للتنمية الاقتصادية المستدامة كما يقول المثل الصينى: “تمهيد الطرق بداية الثراء”، “لا استقرار بدون الزراعة، لا ثروة بدون الصناعة” مما يدل على مدى اهتمام الصينيين بتطوير البنية التحتية والقطاعات الأساسية.
لا تؤمن الصين بالإصلاحات الجذرية الصادمة والحلول السريعة إنما اتبعت الأسلوب التدريجى، إذ يتم إجراء اختبارات على مستويات مختلفة للتأكد من صواب وفعالية السياسات والإجراءات، وهو الطريق الذى جنب الصين مخاطر التغير الاجتماعى المفاجئ وضمن لها الاستقرار الذى يؤمّن استمرارية مسيرة الإصلاح.
وفى السنوات الأخيرة، طرح الرئيس شى جين بينغ مبادرة “الحزام والطريق” بهدف تحقيق التنمية المشتركة مع الدول النامية خاصة تلك الواقعة على طول طريق الحرير الجديد، عن طريق الاستثمار فى بناء مشروعات البنية التحتية والمساهمة فى عملية التصنيع وتيسير التجارة البينية وتعزيز التعاون المالى، وقد تم إحراز تقدم كبير فى التعاون الاقتصادى ذى المنفعة المتبادلة بين الصين والدول النامية وتنتشر مشاريع البنية التحتية وقواعد الإنتاج الصناعى التى تستثمر فيها الصين أو تموّلها أو تقوم بتشييدها فى أنحاء العالم.
اعتماد نظام السوق آلية أساسية للاقتصاد الصينى: تؤمن الصين بأن نظام السوق يضخ الحيوية فى الاقتصاد ويفجر روح المبادرة للأفراد ويخلق بيئة الأعمال الجيدة. فاقتصاد السوق الحر يلعب دورًا مهمًا فى إشراك القطاع الخاص فى عملية التنمية وتشجيع تطور الشركات المتوسطة والصغيرة والناشئة وريادة الأعمال بحيث بلغت مساهمة القطاع الخاص فى الاقتصاد الوطنى نحو 60%، من مجموع الضرائب المحصّلة. وتلعب الشركات المملوكة للدولة دورًا رئيسيًا فى الصناعات الاستراتيجية وتتحكم فى شرايين الاقتصاد القومى أما أغلب القطاعات فيقوم فيها القطاع الخاص والمشترك بالدور الرئيسى.
الاهتمام بالتعليم: لرفع نوعية الموارد البشرية والتشجيع على روح المبادرة والإبداع والابتكار. حيث تشير الإحصاءات إلى أن الإنفاق على تعليم الأبناء يأتى فى مقدمة الإنفاقات المعيشية لمعظم الأسر الصينية سواء أكانت فى الأرياف أم فى المدن ويزداد الإنفاق الحكومى فى التعليم والبحث العلمى والتطوير سنة بعد أخرى، ما أدى إلى تفوّق العديد من الشركات الصينية فى مجال الاتصالات والتسويق الإليكترونى والدفع الإليكترونى والطاقة المتجددة والذكاء الاصطناعى وغيرها من المجالات.
، إن التجربة التنموية الصينية رغم نجاحها لا تقدّم حلولاً جاهزة لدول أخرى ولا يمكن تطبيقها فى بلد آخر دون تعديل، إلاّ أن التعرف على هذه التجربة يعد من قِبَل الاستفادة من الخبرات الدولية المختلفة، وعلى كل دولة أن تستكشف نمط التنمية الخاص بها مستفيدة من تجارب الأمم والشعوب الأخرى ووفقًا للظروف المحلية، والتجربة الصينية خلاصة من تاريخها الحافل ونهضتها فى العصر الحديث ولعلها دروس مفيدة للشعوب النامية الأخرى فى المستقبل(2) .
—————-
(1) مقال تحت عنوان كيف أصبحت الصين “معجزة اقتصادية”؟
فرجينيا هاريسون ودانييل بالمبو
نشر في اخبار BBC – عربي في
1 أكتوبر/ تشرين الأول 2019.
(2) أ.د. دينغ لونغ
أستاذ فى معهد دراسات الشرق الأوسط – جامعة الدراسات الدولية فى
شانجهاى، الصين.
قضايا وتحليلات – آسيا2022-2-13
تجربة الصين في التنمية – رؤي وانجازات
مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية