سوء الظن وعاقبته
بقلم / جمال متولي الجمل
إن سوء الظن بالناس هي احدي كبائر الذنوب ومرض من أخطر أمراض القلوب ، وسبب عظيم من أسباب ظُلمة النفوس.
فهو لا يضر الناس أو المسلمين فقط ، بل ضرره الأول والأعظم يبدأ من صاحب أو صاحبة سوء الظن .
لأن ( سوء الظن ) فضلاً عن انه سبب من أسباب محو الحسنات ، وفضلاً عن انّه من أسباب تفتيت أُلفة قلوب المسلمين .
فهو من أهم أسباب إصابة قلب صاحبه وصاحبته بما يحجب عنه صفاء الإيمان ، ويعكر على المسلم والمسلمة صلاح النفوس.
لذلك كان نهي الله تعالى لأهل الإيمان عنه نهياً صريحاً واضحاً
قال الله عز وجل : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ }الحجرات/12 .
ولأنّ سوء الظن بالمسلمين ، وتأليف وتأويل تصرفاتهم أياً كانت حسب الأهواء ، وأن ذلك إيذاء أدبي ومعنوي ونفسي لهم ، جعله الله تعالى بهتاناً وإثماً مبيناً كبيراً على صاحبه
فقال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا }الأحزاب:58.
لذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخرج أصحاب البُهتان والتقّول على الناس بالباطل ، وتفسير أفعال الناس وأحوالهم وفِق الهوي من دائرة الإيمان – وجعل إسلام أصحاب البُهتان إسلاماً باللسان لم يستقر في القلب كما يريده رب العالمين من عباده .
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال :
“يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ ! لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ ، فَإِنَّهُ مَنْ اتَّبَعَ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعُ اللَّهُ عَوْرَتَهُ ، وَمَنْ يَتَّبِع اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ” صحيح سنن أبي داود.
فليخش المسلم والمسلمة على نفوسهم وليحافظوا على نقاء قلوبهم، ولا يضيعوا إيمانهم بارتكاب هذا المرض الخطير ولا يستخفوا به ، فإنه عند الله من الحرام العظيم
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال
“إيَّاكُمْ والظَّنَّ، فإنَّ الظَّنَّ أكْذَبُ الحَديثِ، ولا تَحَسَّسُوا، ولا تَجَسَّسُوا، ولا تَنافَسُوا، ولا تَحاسَدُوا، ولا تَباغَضُوا، ولا تَدابَرُوا، وكُونُوا عِبادَ اللهِ إخْوانًا” صحيح مسلم
قال الغزاليُّ رحمه الله تعالى في الأحياء : اعلَمْ أنَّ سُوءَ الظَّنِّ حرامٌ مِثلَ سُوءِ القولِ؛ فكما يحرُمُ عليك أن تحدِّثَ غيرَك بلسانِك بمساوئِ الغيرِ، فليس لك أن تحدِّثَ نفسَك وتسيءَ الظَّنَّ بأخيك، والمعني : عقدَ القلبِ وحُكمَه على غيرِه بالسُّوءِ .. ) .
وقال أيضًا: (لا يُستباحُ ظَنُّ السَّوءِ إلَّا بما يُستباحُ به المالُ، .. فإذا خطر لك وِسواسُ سُوءِ الظَّنِّ فينبغي أن تدفَعَه عن نفِسك وتقَرِّرَ عليها أنَّ حاله عندك مستورٌ كما كان، وأنَّ ما رأيتَه منه يحتَمِلُ الخيرَ والشَّرَّ .. )
نسأل الله أن يُسلّم قلوبنا ويعافيها من سوء الظن بالمسلمين