حتي نفـــــوز برمضــــــــــان (2)
بقلم / جمال متولى الجمل

عبـادة الإستغفــــار
من عبادات المسلم التي يقدمها بين يدي طاعاته لله تعالى بصدق التوبة إلى الله
تعالى وحُسن الاستغفار .. حتي يصفوا القلب لفيوضات وبركات الله في هذا الشهر المبارك .
وإن كان رب العالمين حث النبي الكريم صلى الله عليه واله وسلم على سؤاله المغفرة، فقال تعالى { وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا } البقرة 199 { فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا } النصر3-
وقال الله تعالى: { وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ }
وكان صل الله عليه واله وسلم يستغفر الله تعالي يوميا ، مايزيد عن مائة مرة او سسبعين مرة عَنِ الْأَغَرِّ الْمُزَنِيِّ قَالَ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: « إِنَّهُ لَيُغَنُّ عَلَى قَلْبِي فَإِنِّي أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ » [مسند احمد بسند حسن] .
*- فنحن أولى ولا شك بهذا الاستغفار على ما فينا وفي قلوبنا .
هذا بالرغم من انّ الله تعالي غفر لنبيه صل الله عليه واله وسلم ماتقدم من ذنبه وماتأخر فضلاً عن عِصمة الله عز وجل له من الوقوع في شيئ منها .
وحث الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين وجميع خلقه على طلب المغفرة ، قال تعالى { وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ} البقرة 231- وقال تعالى { وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } آل عمران 133- وقال تعالى { وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } البقرة 199.
حتى أولئك الذين أسرفوا على أنفسهم بمعصيتهم لربهم حثّهم سبحانه وتعالي علي الاستغفار له تعالي ، فقال تعالى { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} الزمر 53
*- الإستغفارُ نعمة من نعمِ الله تعالى على الإنسان.
فلولاه لما استطاع الواحد منا أن يكفِّر عن ذنوبه ، و يطلب من الله المغفرة ، ولكان بني آدم جميعهم هالكون بسبب ذنوبهم ، بل لولا التوبة والإستغفــــار لمات العبد كمداً من معاصيه وذنوبه .
فعندما منّ الله علينا بهذه النعمة ، عرف الإنسان بالعموم والمؤمن علي وجه الخصوص بأن الله سبحانه وتعالى لم يتركنا في هذه الدنيا ، بل هو معنا في كل لحظة من حياتنا ، يراقب أعمالنا جميعها ، الصالحة والسيئة ، ويقول لمن أشقى نفسه بالذنوب باب التوبة مفتوحٌ ، باب المغفرة لم يغلقْ بعد ، أقبلْ ياعبدي واستغفرْ .. وستُفتحْ لكَ صفحةٌ جديدةٌ في حياتك طاهرة ونقية من ملوثاتك وخالية من آثامك .
أستغفر الله العظيم و أتوب إليه : كلماتٌ بسيطةٌ تسطيع أن تغير حالك من حال الفُحش والسوء ، إلى أفضلِ الطُهر والنقاء ، فالله كتب على نفسه المغفرة والرحمة أيضاً ، ومن فضل الله تعالي علي عباده ان سمي ووصف نفسه وذاته العلية سبحانه : الغفار والغفور ، والغافر .
فهو سبحانه حال استغفارنا له وقبوله منا لا يغفرلنا الذنب فقط ، بل من فضله تعالي انّه يشملنا برحمته و كرمه و عطفه ، فيكفر عن ذنوبنا ويمحوها ، و يرزقنا راحة البال و الطمأنينة لرحمته بعباده ، و يرزقنا من كرمه و رزقه الواسع الذي لا ينضب ، في المال و الصحة وبركة الوقت ولا يؤأخذنا بما اقترفناه ، مع ما فينا من سوء وتقصير في حق جنابه وجلاله سبحـــــــانه .
*- و للإستغفار فوائد نفسية عظيمة .
فهو ذو تاثيرٌ فعّال في صفاء النفس و تنظيف الدماغ والوجدان من الأفكار السلبية التي تسيطر أحيانا على الشخص ، ويقينا من نفسية اليأس التي تحطم اعتي بنيان جسدي ومعنوي ، ويبث التجديد في النفس ، فسبحان الله ما أوسع رحمته . فمن يرد أن يديم الله تعالى عليه سعادته في الدارين ، فليكثر من الإستغفار الذي هو باب السعادة في الدنيا و الذي بدوره سيوصلنا إلى باب السعادة في الآخرة وهو الجنة ، وليس الإستغفار قاصراً علي اهل الذنوب فقط …..
بل من كان في ضائقةٍ مالية فليستغفر ، ومن كان مريضاَ فليستغفر ، من كان في بلاءٍ فليستغفر ، ومن استصعب عليه أمرٌ في الدنيا فليكثر من الإستغفار .
وإن كان الله تعالي قد منَّ علي العبد بالصحة والرزق والخير فليستغفر ، فالاستغفـــــار سبب من أسباب حفظ النعم ، وتفريج الكربات ، وإزالة الهموم ، وتيسير الصعوبات
الإستغفار ملازم لحال المؤمن كما كان حال رسول الله صل الله عليه واله وسلم : في نهاره و ليله ، فيجعلها عادته اليومية ، يرطب بها لسانه بذكر الله عز و جل ، ويجلي بالإستغفار قلبه وصدره ، ففي الاثر : «إِنَّ لِلْقُلُوبِ صَدَأً كَصَدَأِ النُّحَاسِ وَجَلَاؤُهَا الِاسْتِغْفَارُ».
ويبقى به على مراقبته ل لله تعالي دوماً ، و يجعل صحيفته بإذن الله خالية من الذنوب باستغفاره الدائم . وينشله من وحل الآثـــــام الي طهارة الطاعة .
وصلى الله تعالى وسلم وبارك على سيدنا محمد واله وصحبه
بإذن الله تعالى نلتقي في الحلقة القادمة