تعرف على حبيبك النبي صلى الله عليه واله وسلم ( 685)
بقلم / جمال متولى الجمل
تعرف على حبيبك النبي صلى الله عليه واله وسلم
غزوة بني قريظة (30)
تفنيد الشبهات المُثارة حول غزوة بني قريظة (2)
ثانيا : تفنيد شبهة أن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم حكم وقتل كل بني قُريظة بما فيهم النساء والأطفال .
أولاً : رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لم يُصدِر حُكماً على بني قريظة ، لا بالقتل ولا بغيره ، ولا على أيٍ منهم ..
وثبت بالنص الصحيح الصريح ، أنهم بأنفسهم اختاروا من يحكم عليهم وعلى جريمتهم النكراء ، ووقع اختيارهم على سعد بن معاذ رضي الله عنه ، وكل الروايات الصريحة الصحيحة تنفي تمام النفي انّ الحكم فيهم كان من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ، وهذه الروايات والنصوص كالتالي :
الأولى : أن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم حكم عليهم ، ثم تراجع عن حكمه فيهم ، وفوض سعد ابن معاذ ( وهو من حلفاؤهم ) ليحكم هو فيهم وقد ارتضوه حكماً – وهذا واضح تماما في الرواية التالية :
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: ” .. لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الخَنْدَقِ وَضَعَ السِّلاَحَ وَاغْتَسَلَ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَهُوَ يَنْفُضُ رَأْسَهُ مِنَ الغُبَارِ، فَقَالَ: ” قَدْ وَضَعْتَ السِّلاَحَ، وَاللَّهِ مَا وَضَعْتُهُ، اخْرُجْ إِلَيْهِمْ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ واله وَسَلَّمَ: فَأَيْنَ فَأَشَارَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ ” فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ، فَرَدَّ الحُكْمَ إِلَى سَعْدٍ، قَالَ: فَإِنِّي أَحْكُمُ فِيهِمْ: أَنْ تُقْتَلَ المُقَاتِلَةُ، وَأَنْ تُسْبَى النِّسَاءُ وَالذُّرِّيَّةُ، وَأَنْ تُقْسَمَ أَمْوَالُهُمْ ” صحيح البخاري.
الثانية : أن بني قريظة اختاروا بمحض إرادتهم ابتداءً سعد بن معاذ رضي الله عنه ليحكم هو فيهم ، وقد اجتمع الأوس ( وكانوا حلفاء بني قريظة قبل الإسلام وبعده حال موادعتهم للمسلمين ) وطلبوا من سعد بن معاذ – رضي الله عنهم – أن يراعي يني قريظة في حكمه و، وبني قريظة ظنوا أنّه سيجاملهم.
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها ، قَالَتْ: .. فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ ( أي أتي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بعد اندحار الأحزاب عن الأحزاب وعودة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لبيته ) ، فَقَالَ: أَوَقَدْ وَضَعْتَ السِّلَاحَ، فَوَاللَّهِ مَا وَضَعَتِ الْمَلَائِكَةُ السِّلَاحَ، اخْرُجْ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ فَقَاتِلْهُمْ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرَّحِيلِ، وَلَبِسَ لَأْمَتَهُ، فَخَرَجَ .. فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَاصَرَهُمْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ يَوْمًا، فَلَمَّا اشْتَدَّ حَصْرُهُمْ، وَاشْتَدَّ الْبَلَاءُ عَلَيْهِمْ قِيلَ لَهُمُ انْزِلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، .. فَقَالُوا: نَنْزِلُ عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدٍ، وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى سَعْدٍ، .. وَحَفَّ بِهِ قَوْمُهُ، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: يَا أَبَا عَمْرو، حُلَفَاؤُكَ وَمَوَالِيكَ وَأَهْلُ النِّكَايَةِ وَمَنْ قَدْ عَلِمْتَ، فَلَا يُرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا، حَتَّى إِذَا دَنَا مِنْ ذَرَارِيِّهِمُ الْتَفَتَ إِلَى قَوْمِهِ، فَقَالَ: قَدْ آنَ لِسَعْدٍ أَنْ لَا يُبَالِي فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، .. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ واله وَسَلَّمَ: «احْكُمْ فِيهِمْ»، قَالَ: فَإِنِّي أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ، وَتُسْبَى ذَرَارِيِّهِمْ، وَتُقْسَمُ أَمْوَالُهُمْ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ» صحيح ابن حبان ، وحسنه الالباني .
وأصل الحديث في صحيح مسلم وفيه النص على أنهم اختاروا سعد ليحكم فيهم بما يراه .
عَنْ أَبَي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه ، قَالَ: نَزَلَ أَهْلُ قُرَيْظَةَ عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى سَعْدٍ، فَأَتَاهُ عَلَى حِمَارٍ، فَلَمَّا دَنَا قَرِيبًا مِنَ الْمَسْجِدِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ واله وَسَلَّمَ لِلْأَنْصَارِ: «قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ» أَوْ «خَيْرِكُمْ»، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ هَؤُلَاءِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ»، قَالَ: تَقْتُلُ مُقَاتِلَتَهُمْ وَتَسْبِي ذُرِّيَّتَهُمْ، قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَضَيْتَ بِحُكْمِ اللهِ».
الثالثة : أن قبيلة الأوس ( وهي القبيلة الأهم مع قبيلة الخزرج بالمدينة ) اجتمعوا مع رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وتشفعوا في بني قريظة كما تشفع الخزرج في بنو قينقاع ، فترك رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لهم الحكم فيهم ، وعرض عليهم ان يحكم فيهم سعد بن معاذ رضي الله عنه ، فارتضوا جميعاً ( الأوس وبني قريظة ) ذلك التفويض وهو استجابة من رسول الله صلى الله عليهم واله وسلم لشفاعتهم في حلفائهم .
يُروي ذلك بالرواية التاريخية عند ابن إسحاق قَالَ: ” لَمَّا اِشْتَدَّ بِهِمْ الْحِصَارُ , أَذْعَنُوا إِلَى أَنْ يَنْزِلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللهِ – صلى الله عليه واله وسلم – فَتَوَاثَبَتْ ( اجتمعت ) الْأَوْسُ ( وكانوا حلفاء بني قريظة ) , فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله , قَدْ فَعَلْت فِي مَوَالِي الْخَزْرَجِ – أَيْ: بَنِي قَيْنُقَاع – مَا عَلِمْت ( أي حينما اردت عقابهم رجعت إلى حلفائهم من الخزرج ) , فَقَالَ: أَلَا تَرْضَوْنَ أَن يَحْكُمَ فِيهِمْ رَجُلٌ مِنْكُمْ ( لارضائهم كما ارضي الخزرج ) ؟ , قَالُوا: بَلَى , قَالَ: فَذَلِكَ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ ”
إذاً – الادعـــــــــــاء بأن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم هو الذي حكم عليهم ، وهو الذي نفذ الحكم فيهم ، غير صحيح بتاتاً ، وهو صلى الله عليه واله وسلم منه براء .
وصلى الله تعالى وسلم وبارك علي سيدنا محمد واله وصحبه
بإذن الله تعالى نلتقي في الحلقة
________________