تعرف على حبيبك النبي صلى الله عليه واله وسلم (717)
بقلم / جمال متولى الجمل

تعرف على حبيبك النبي صلى الله عليه واله وسلم (717)
بقلم : جمال متولى الجمل
الاحداث بعد غزوة الخندق وقريظة
إســـــــــلام عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ – رضي الله عنه – (2)
عمرو بن العاص رضي الله عنه يحكي قصة لقائه الأول برسول الله صلى الله عليه واله وسلم :
عَنِ ابْنِ شَمَاسَةَ الْمَهْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: « حَضَرْنَا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَهُوَ فِي سِيَاقَةِ (أي حال حضور) الْمَوْتِ ( موته كانت سنة 43هجرية، وهو ابن 90سنة) ، فَبَكَى طَوِيلًا ( أي خوفًا من الله تعالى، وتذكّر أهوال يوم القيامة، مع ما له من شرف صحبة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، وبلائه في الإسلام بلاء حسنًا،) ، وَحَوَّلَ وَجْهَهُ إِلَى الْجِدَارِ ( ابتعادًا من القوم الحاضرين؛ لئلا يشغلوه عما هو فيه من مناجاة ربّه، ومطالعة الآخرة ) ، فَجَعَلَ ابْنُهُ ( عبد الله بن عمرو رضي الله عنه )
( وفي رواية الإمام أحمد في “مسنده” (4/ 199) من طريق ابن المبارك، عن ابن لهيعة: فقال له ابنه عبد الله: لِمَ تبكي، أجَزَعًا على الموت؟، فقال: لا، ولكن مما بعدُ – ( أي مما بعد الموت ) .
يَقُولُ: يَا أَبَتَاهُ، أَمَا بَشَّرَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه واله وسلم بِكَذَا؟ أَمَا بَشَّرَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه واله وسلم بِكَذَا؟
( كرّره ليزداد استبشاره، وتستأنس نفسه، فيزول حزنه، وفي رواية أحمد المذكورة: “فقال له: قد كنتَ على خير، فجعل يُذكّره صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفتوحه الشام، فقال له عمرو: وتركتَ أفضل من ذلك كلّه، شهادة أن لا إله إلا الله … )
قَالَ: فَأَقْبَلَ بِوَجْهِهِ (أي توجّه عمرو رضي الله عنه إليهم بعد أن حوّل وجهه إلى الجدار) ، فَقَالَ: إِنَّ أَفْضَلَ مَا نُعِدُّ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ (من الإعداد: أي إن أفضل العمل الذي نهيّئه للقاء الله تعالى – شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ – أي الإيمان بالله تعالى، وتوحيده، وتصديق رسوله صلى الله عليه واله وسلم، والنطق بذلك؛ لأنه أفضل الأعمال ) ، إِنِّي قَدْ كُنْتُ عَلَى أَطْبَاقٍ ثَلَاثٍ ( أي على أحوال، ومنازل، ومنه قوله تعالى: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ } الانشقاق: 19- أي حالًا بعد حال، ) :
▪︎( الطبق – أو الحال – الأول )
لَقَدْ رَأَيْتُنِي ( أي رأيت نفسي ) وَمَا أَحَدٌ أَشَدَّ بُغْضًا لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه واله وسلم مِنِّي ( أنه لا يوجد أحد أشدّ بغضًا له صلى الله عليه وسلم من عمرو بن العاص وقت كُفره وقبل أن يُسلم) ، وَلَا أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَكُونَ قَدِ اسْتَمْكَنْتُ ( أي قدرت عليه وتمكنت ) مِنْهُ فَقَتَلْتُهُ فَلَوْ مُتُّ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ لَكُنْتُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ (لكونه حينذاك كافرًا بالله تعالى، ورسوله صلى الله عليه واله وسلم، ) .
▪︎ ( ثم أشار إلى الطبق الثاني من أطباقه الثلاث بقوله: )
فَلَمَّا جَعَلَ اللهُ الْإِسْلَامَ فِي قَلْبِي (عبّر بالجعل إشارة إلى أنه تمكّن من قلبه، واطمأنت به نفسه ) أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه واله وسلم، فَقُلْتُ: ابْسُطْ ( امدد يدك ) يَمِينَكَ فَلْأُبَايِعْكَ ( على الإسلام ) ، فَبَسَطَ ( رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ) يَمِينَهُ. قَالَ: فَقَبَضْتُ يَدِي ( يدي ولم ابايع ) ، قَالَ ( رسول الله عليه واله وسلم ) : مَا لَكَ يَا عَمْرُو ( لماذا جمعت يدك بعد أن مددتها للمبايعة ) ؟ قَالَ ( راوي الحديث ) : قُلْتُ ( عمرو بن العاص رضي الله عنه ) : أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ ( آخذ عهداً ووعداً قاطعاً يا رسول الله ) ، قَالَ: تَشْتَرِطُ بِمَاذَا؟ قُلْتُ: أَنْ يُغْفَرَ لِي ( أي أشترط أن يغفر الله عز وجل ذنوبي التي ارتكبتها وما كان صدر مني قبل أن آتيك يا رسول الله ) ، قَالَ (رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ) : أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ ( يُسقط، ويمحو أثر) مَا كَانَ قَبْلَهُ ( من كفر وشرك ) ، وَأَنَّ الْهِجْرَةَ (إن كانت قُربةً لله تعالى وفي سبيله ) تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهَا ( من كفر وشرك وذنوب وآثام ومعاصٍ ) ، وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ ( من ذنوب واثام ومعاصٍ في حق الله تعالى أما حق العباد و مظالمهم فيجب ردها ) .
▪︎ ( ثم أشار إلى الطّبَقِ الثالث، فقال: )
وَمَا كَانَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه واله وسلم، وَلَا أَجَلَّ فِي عَيْنِي مِنْهُ ( أي لامتلاء قلبه بالإيمان واليقين بوحدانية الله تعالى وإرسال رسوله صلى الله عليه واله وسلم برسالته الخاتمة – الإسلام ) ، وَمَا كُنْتُ أُطِيقُ أَنْ أَمْلَأَ عَيْنَيَّ ( لم أكن لأقدر أن انظر إليه طويلاً ولا أن أدقق النظر في وجهه الكريم ) مِنْهُ ( ( لم أكن لأقدر أن انظر إليه طويلاً ولا أن أدقق النظر في وجهه الكريم) إِجْلَالًا لَهُ ( تعظيماً لقدره ) ، وَلَوْ سُئِلْتُ أَنْ أَصِفَهُ ( صلى الله عليه واله وسلم ) مَا أَطَقْتُ ( لا استطيع ان أصفه) لِأَنِّي لَمْ أَكُنْ أَمْلَأُ عَيْنَيَّ مِنْهُ ( أي من النظر إليه صلى الله عليه وسلم – وفي رواية أحمد : “فما ملأت عيني من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا راجعته فيما أريد حتى لحق بالله عز وجل حياءً منه).
وَلَوْ مُتُّ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ لَرَجَوْتُ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، ( أي لأن من مات على خير عمله يدخل الجنة، بمقتضى الوعد السابق، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا } الكهف: 107)
ثُمَّ وَلِينَا ( تولى وأصبح مسؤولاً عن ) أَشْيَاءَ مَا أَدْرِي مَا حَالِي فِيهَا ( لأنه كان واليًا على مصر، وقد فتتحها في خلافة عمر رضي الله عنه، وولي إمرتها عشر سنين، وثلاثة أشهر، أربعًا من قبل عمر، وأربعة من قبل عثمان، وسنتين وثلاثة أشهر من قبل معاوية رضي الله عنهم – أي لا أعلم أيُّ شيء حالي في تلك الأشياء، هل عدلت فيها، فأُثاب، أو عدلت عنها، فأعاقب؟ وفي رواية أحمد: “ثم تَلَبَّستُ – توليت – بعد ذلك بالسلطان وأشياء، فلا أدري: عليّ، أم بي؟ – وهذا من جميل إخلاصه وتواضعه رضي الله عنه مع رب العالمين وخاصة عند موته) ؟
فَإِذَا أَنَا مُتُّ، فَلَا تَصْحَبْنِي نَائِحَةٌ ( امرأة صائحة بالبكاء، ونادبة بالنداء للميت، فإنه يؤذي الميت والحيّ، ويَشغَل المشيِّع عن ذكر الموت، وفناء الدنيا، والفكر في مصيرهم في الآخرة ) وَلَا نَارٌ ( أي للمباهاة والرياء، كما كان عادة للجاهليّة) ، فَإِذَا دَفَنْتُمُونِي فَشُنُّوا عَلَيَّ التُّرَابَ شَنًّا ( أي ضَعُوه وَضْعًا سَهْلًا ) ، ثُمَّ أَقِيمُوا ( أجلسوا ) حَوْلَ قَبْرِي ( ولا تتعجلوا بالانصراف ) قَدْرَ مَا تُنْحَرُ ( تذبح ) جَزُورٌ ( واحدة من الإبل – الجمال ) وَيُقْسَمُ لَحْمُهَا حَتَّى أَسْتَأْنِسَ بِكُمْ ( أي لأجل أن أجد أُنسًا بسبب قربكم منّي ) ، وَأَنْظُرَ مَاذَا أُرَاجِعُ بِهِ رُسُلَ رَبِّي ( أيّ شيء يكون جوابي لأسئلة الملائكة الذين يرسلهم ربي لسؤالي، وهما ملكان، ) » صحيح مسلم .
وصلى الله تعالى وسلم وبارك علي سيدنا محمد واله وصحبه
بإذن الله تعالى نلتقي في الحلقة القادمة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ