تعرف على حبيبك النبي صلى الله عليه واله وسلم (713)

بقلم / جمال متولى الجمل

الاحداث بعد غزوة الخندق وقريظة

اســـلام المغـــيرة بن شــعبــة – رضي الله عنه .
لم تذكر الروايات الصحيحة الكثير من قصة إسلام المغيرة بن شعبة رضي الله عنه – إلا في فيما ورد إجمالاً في قصة حديث الحُديبية الطويل .
ولكن نستفيد من روايات ابن سعد وغيره لأنها تشرح قصة اسلامه تفصيلاً .

هو : الْمُغيرَة بن شُعْبَة بن أبي عَامر بن مَسْعُود بن معتب بن مَالك بن كَعْب .. حتي .. بن بكر بن هوَازن – كنيته أَبُو عبد الله وَيُقَال أَبُو عِيسَى الثَّقَفِيّ .
قَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: كُنَّا قَوْمًا مِنَ الْعَرَبِ مُتَمَسِّكِينَ بِدِينِنَا وَنَحْنُ سَدَنَةُ ( نخدم ) ( الصنم الذي يدعونه إلهاً واسمه) اللاتِ. فَأَرَانِي ( أري نفسي ) لَوْ رَأَيْتُ قَوْمَنَا قَدْ أَسْلَمُوا مَا تَبِعْتُهُمْ ( ما أسلمت معهم ) . فَأَجْمَعَ نَفَرٌ مِنْ بَنِي مَالِكٍ الْوُفُودَ عَلَى الْمُقَوْقِسِ وَأَهْدَوْا لَهُ هَدَايَا، فَأَجْمَعْتُ ( عزمت) الْخُرُوجَ مَعَهُمْ فَاسْتَشَرْتُ عَمِّي عُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودٍ فَنَهَانِي وَقَالَ: لَيْسَ مَعَكَ مِنْ بَنِي أَبِيكَ ( من أقاربك ) أَحَدٌ ، فَأَبَيْتُ إِلا الْخُرُوجَ ، فَخَرَجْتُ مَعَهُمْ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مِنَ الأَحْلافِ غَيْرِي حَتَّى دَخَلْنَا الإِسْكَنْدَرِيَّةَ فَإِذَا الْمُقَوْقِسُ فِي مَجْلِسٍ مُطِلٍّ عَلَى الْبَحْرِ، فَرَكِبْتُ زَوْرَقًا حَتَّى حَاذَيْتُ مَجْلِسَهُ فَنَظَرَ إِلَيَّ فَأَنْكَرَنِي وَأَمَرَ مَنْ يَسْأَلُنِي مَنْ أَنَا وَمَا أُرِيدُ.

فَسَأَلَنِي الْمَأْمُورُ ( من المقوقس ) فَأَخْبَرْتُهُ بِأَمْرِنَا وَقُدُومِنَا عَلَيْهِ، فَأَمَرَ بِنَا أَنْ نَنْزِلَ فِي الْكَنِيسَةِ وَأَجْرَى عَلَيْنَا ضِيَافَةً ثُمَّ دَعَا بِنَا فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَنَظَرَ إِلَى رَأْسِ بَنِي مَالِكٍ فَأَدْنَاهُ إِلَيْهِ وَأَجْلَسَهُ مَعَهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ: أَكَلُّ الْقَوْمِ مِنْ بَنِي مَالِكٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ إِلا رَجُلٌ وَاحِدٌ مِنَ الأَحْلافِ. فَعَرَّفَهُ إِيَّايَ فَكُنْتُ أَهْوَنَ الْقَوْمِ عَلَيْهِ، وَوَضَعُوا هَدَايَاهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ فَسُرَّ بِهَا وَأَمَرَ بِقَبْضِهَا( باستلامها) وَأَمَرَ لَهُمْ بِجَوَائِزَ ( بهدايا منه) وَفَضَّلَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ، وَقَصَّرَ بِي فَأَعْطَانِي شَيْئًا قَلِيلا لا ذِكْرَ لَهُ ( أعطاني من الهدايا أقلها وأقل القوم ) .

وَخَرَجْنَا فَأَقْبَلَتْ بَنُو مَالِكٍ يَشْتَرُونَ هَدَايَا لأَهْلِيهِمْ وَهُمْ مسرورون ولم يعرض على رجل منهم مؤاساة ، ( لم يعرض على أحدهم من الهدايا الكثيرة التي اخذوها شيئاً وهم يعلمون أني لم اخذ من الهدايا مثلهم) وَخَرَجُوا وَحَمَلُوا مَعَهُمُ الْخَمْرَ فَكَانُوا يَشْرَبُونَ وَأَشْرَبُ مَعَهُمْ وَتَأْبَى نَفْسِي تَدَعُنِي، يَنْصَرِفُونَ إِلَى الطَّائِفِ بِمَا أَصَابُوا وَمَا حَبَاهُمُ الْمَلِكُ وَيُخْبِرُونَ قَوْمِي بِتَقْصِيرِهِ بِي وَازْدِرَائِهِ إِيَّايَ ( (رأي في نفسه حسداً عليهم وعزم على انتقتمه منهم كونهم لم يروا أنّه يستحق أن يُعامل نفس معاملتهم من الْمُقَوْقِسُ – واعتبر ذلك منهم اهانة له).

فَأَجْمَعْتُ ( عزمت ) عَلَى قَتَلِهِمْ، فلما كنا ببساق تَمَارُضْتُ وَعَصَبْتُ رَأْسِي فَقَالُوا لِي: مَا لَكَ؟ قُلْتُ: أُصْدَعُ. فَوَضَعُوا شَرَابَهُمْ وَدَعُونِي فَقُلْتُ: رَأْسِي يُصْدَعُ وَلَكِنِّي أَجْلِسُ فَأَسْقِيكُمْ، فَلَمْ يُنْكِرُوا شَيْئًا فَجَلَسْتُ أَسْقِيهِمْ وَأَشْرَبُ الْقَدَحَ بَعْدَ الْقَدَحِ، فَلَمَّا دَبَّتِ الْكَأْسُ فِيهِمُ اشْتَهَوُا الشَّرَابَ فَجَعَلْتُ أَصْرِفُ لَهُمْ وَأَنْزِعُ الْكَأْسَ فَيَشْرَبُونَ وَلا يَدْرُونَ، فَأَهْمَدَتْهُمُ ( اضعفت قواهم) الْكَأْسُ حَتَّى نَامُوا مَا يَعْقِلُونَ ( من سُكِرِهم) ، فَوَثَبْتُ ( انقضضت عليهم ) إِلَيْهِمْ فَقَتَلْتُهُمْ جَمِيعًا وَأَخَذْتُ جَمِيعَ مَا كَانَ مَعَهُمْ فَقَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ واله وَسَلَّمَ – فَأَجِدُهُ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ مَعَ أَصْحَابِهِ. وَعَلَيَّ ثِيَابُ سَفَرِي. فَسَلَّمْتُ بِسَلامِ الإِسْلامِ فَنَظَرَ إِلَيَّ أبي بَكْرِ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ. وَكَانَ بِي عَارِفًا، فَقَالَ: ابْنُ أَخِي عُرْوَةُ. قَالَ قُلْتُ: نَعَمْ، جِئْتُ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وأن محمدا رسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم : ” الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَاكَ لِلإِسْلامِ” .
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمِنْ مِصْرَ أَقْبَلْتُمْ ( جئتم) ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا فَعَلَ الْمَالِكِيُّونَ ( بني مالك ) الَّذِينَ كَانُوا مَعَكَ؟
قُلْتُ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ بَعْضُ مَا يَكُونُ بَيْنَ الْعَرَبِ وَنَحْنُ عَلَى دِينِ الشِّرْكِ فَقَتَلْتُهُمْ وَأَخَذْتُ أَسْلابَهُمْ وَجِئْتُ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ واله وَسَلَّمَ – لِيُخَمِّسْهَا ( يأخذ خُمسها في سبيل الله ) أَوْ يَرَى فِيهَا رَأْيَهُ ( أو يتصرف فيها كما يري ) ، فَإِنَّمَا هِيَ غَنِيمَةٌ مِنْ مُشْرِكِينَ وَأَنَا مُسْلِمٌ مُصَدِّقٌ بِمُحَمَّدٍ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ واله وَسَلَّمَ (1) ” فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه واله وسلم : أَمَّا إِسْلامُكَ فَقَبِلْتُهُ وَلا آخُذُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ شَيْئًا وَلا أُخَمِّسْهُ لأَنَّ هَذَا غَدْرٌ. وَالْغَدْرُ لا خَيْرَ فِيهِ ” (2) . قَالَ فَأَخَذَنِي مَا قَرُبَ وَمَا بَعُدَ وَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا قَتَلَتُهُمْ وَأَنَا عَلَى دِينِ قَوْمِي ثُمَّ أَسْلَمْتُ حَيْثُ دَخَلْتُ عَلَيْكَ السَّاعَةَ ، قَالَ: “فَإِنَّ الإِسْلامَ يَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ” (3) .

وصلى الله تعالى وسلم وبارك علي سيدنا محمد واله وصحبه
بإذن الله تعالى نلتقي في الحلقة القادمة
_________
(1) إرشاد السؤول إلى حروب الرسول صلى الله عليه واله وسلم – أبو الحارث الأنصاري – نقلاً عن طبقات ابن سعد .
(2) كشف المشكل من حديث الصحيحين – جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي – تحقيق : علي حسين البواب .
وفيه : وَإِنَّمَا امْتنع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ واله وَسلم من أَخذ تِلْكَ الْأَمْوَال لِأَن الرفقاء يصطحبون على الْأَمَانَة، وَالْأَمَانَة مُؤَدَّاة إِلَى الْمُسلم وَالْكَافِر، وَبلغ الْخَبَر ثقيفا بِالطَّائِف فتداعوا لِلْقِتَالِ، ثمَّ اصْطَلحُوا على أَن يحمل عَنهُ عُرْوَة بن مَسْعُود – وَهُوَ عَم الْمُغيرَة – ثَلَاثَة عشر دِيَة.
(3) هذه الفقرة من الحديث ورددت أول ما ورددت في حديث إسلام عمرو بن العاص رضي الله عنها ، ولم يصح ورودوها هنا .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى