تعرف على حبيبك النبي صلى الله عليه واله وسلم (712)
بقلم / جمال متولى الجمل
الاحداث بعد غزوة الخندق وقريظة
غــــــــزوة بني لحيــــــــــــــــــان (5)
من فوائد الغزوة (3)
الأعذار المبيحة للتخلف عن صلاة الجماعة
لمن قال بوجوبها ، أو المسقطة عنها مع حفظ أجرها عند من قال باستحبابها وهي مايلى :
1- وجودُ المطرِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وحُكي الإجماعُ على ذلك
– عن نافعٍ، قال: ” أذَّن ابنُ عمرَ في ليلةِ باردةِ بضَجَنانَ، ثم قال: صلُّوا في رِحالكم، فأخبَرَنا أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه واله وسلَّم كان يأمُرُ مؤذِّنًا يؤذِّن، ثم يقول على إثره: ألَا صَلُّوا في الرِّحال، في الليلةِ الباردةِ، أو المطيرةِ في السَّفر ”
2- وجودُ الوَحل الشَّديد، وهذا باتِّفاق المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة
عن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّه قال لمؤذِّنه في يومٍ مطيرٍ: ” إذا قلتَ: أشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا الله، أشهدُ أنَّ محمدًا رسولُ الله، فلا تقُل: حيَّ على الصَّلاة، قل: صلُّوا في بيوتِكم” ، قال: فكأنَّ الناس استنكروا ذاك، فقال: أتَعْجَبون من ذا؟! قد فعَل ذا مَن هو خيرٌ منِّي “أي: النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم”، إنَّ الجمعة عَزْمةٌ، وإنِّي كرهتُ أن أُحرجَكم فتمشوا في الطِّين والدَّحْض”
ثانيًا: القياسُ على المطر، فإنَّ الوحل أشقُّ من المطَر
3- الرِّيحُ الشَّديدةُ من الأعذارِ المُسقِطَةِ لصلاةِ الجَماعةِ إذا كانت ليلًا، وهذا باتِّفاق المذاهِبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة.
عن ابن عُمرَ رضي الله عنهما أنّه أذَّنَ بالصَّلاةِ في ليلةٍ ذات بردٍ ورِيح، فقال: ” ألَا صلُّوا في الرِّحال ” ، ثم قال: ” إنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يأمُر المؤذِّنَ إذا كانتْ ليلةٌ باردةٌ ذاتُ مطرٍ يقول: ألَا صلُّوا في الرِّحال ” عن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما انّه قاسَ الرِّيحَ على المطرِ، والعِلَّةُ الجامعة هي المشقَّة اللَّاحِقة
ثانيًا: لعظمِ مشقَّةِ الرِّيحِ ليلًا دون النَّهارِ
4- البردِ الشديدِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّةوالشافعيَّة، والحنابِلَة، وهو قولُ ابنِ حزمٍ، وحُكِي الإجماعُ على ذلك .
ويدل على ذلك الحديث السابق
وفي رواية منه اخري : ” ليلةٌ باردةٌ، أو ذاتُ مَطرٍ أو ذاتُ رِيحٍ”
و أنَّ المشقَّةَ في البردِ الشديدِ كالمشقَّةِ في المطرِ.
5 – حُضورُ طعامٍ تاقتْ نفْسُه إليه، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة والشافعيَّة، والحنابِلَة، وهو قولُ طائفةٍ مِن السَّلف، واختاره ابنُ حزم.
– عنِ ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: “إذا وُضِعَ عَشاءُ أحدِكم وأُقيمتِ الصَّلاةُ، فابْدؤوا بالعَشاءِ، ولا يَعْجَلْ حتى يَفرغَ”
– عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ” إذا قُرِّب العَشاءُ وحضرتِ الصَّلاةُ، فابدؤوا به قبل أن تُصلُّوا صلاةَ المغربِ، ولا تَعْجَلوا عن عَشائِكم ”
ثانيًا: لاشتغالِ باله بالطعامِ الذي تَتُوقُ نفْسُه إليه بما يُشوِّشُ على خشوعِه في الصَّلاةِ
6 – عند مدافعة الأخبثان – ( أي الاحتياج الاضطراري للحمام ) .
وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفِقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة والشافعيَّة، والحنابِلَة.
– عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: إنِّي سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول: ” لا صلاةَ بحضرةِ طعامٍ، ولا وهو يُدافِعُه الأخبثانِ”
لأنه يمنعُه من إكمالِ الصلاة وخشُوعها.
7- غَلبةُ النُّعاسِ والنَّومِ إنِ انتظر صلاةَ الجماعةِ؛ نصَّ على هذا فقهاءُ الشافعيَّة، والحنابِلَة وهو اختيارُ ابن عُثَيمين
– عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ، أنَّ معاذَ بنَ جبل رَضِيَ اللهُ عنهم ، كان يُصلِّي مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه واله وسلَّم، ثم يأتي قومَه فيُصلِّي بهم الصَّلاة، فقرأ بهم البقرة، قال: فتجوَّز رجلٌ فصلَّى صلاةً خفيفة، فبلَغَ ذلك معاذًا، فقال: إنَّه منافقٌ، فبَلغ ذلك الرجُلَ، فأتى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه واله وسلَّم فقال: يا رسولَ الله، إنَّا قومٌ نعمل بأيدينا، ونَسقي بنواضِحنا، وإنَّ معاذًا صلَّى بنا البارحةَ، فقرأ البقرةَ، فتجوَّزتُ ( أسرعت في صلاتي ) ، فزعَم أنِّي منافِقٌ، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه واله وسلَّم: ” يا معاذُ، أَفتَّانٌ أنت- ثلاثًا! اقرأ: وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى، ونحوها”
وَجْهُ الدّلالة :
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه واله وسلَّم عذَرَ الرجلَ الذي قطع صلاتَه مع معاذ، ولم يُنكِرْ عليه؛ وذلك لأنَّ معاذًا كان يُطيلُ صلاة العِشاء، وهم في حاجةٍ إلى النومِ والراحةِ للعمل صباحًا
– وعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ” إذا نَعَسَ أحدُكم وهو يُصلِّي فلْيرقُدْ، حتى يذهبَ عنه النومُ، فإنَّ أحدَكم إذا صلَّى وهو ناعِسٌ، لا يَدري لعلَّه يَستغفِرُ فيسُبَّ نفسَه!”
ثانيًا: أنَّه إنِ انتظرَ صلاةَ الجماعةِ وقد غَلَبه النعاسُ والنومُ، فقدْ يُباغِتُه النومُ، فتفوته صلاةُ الجماعةِ، والصَّلاةُ في وقتِها.
8- الخوفُ على نفْسِه أو مالِه، أو أهله ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وحُكيَ الإجماعُ على ذلك
وذلك للآتي:
أولًا: أنَّ المشقَّةَ اللاحقةَ بذلك أكثرُ من بلِّ الثِّيابِ بالمطرِ الذي هو عُذرٌ بالاتِّفاقِ
ثانيًا: أنَّ قلبَه سيكون منشغلًا.
9 – مَن أكَل ثُومًا، أو بصلًا ونحوَهما :
اختلف أهل العلم في حكم حضور المسجد لمن أكل بصلًا أو ثُومًا ونحوهما على قولين:
القول الأول : يُكرَه حضورُ المسجدِ لِمَن أكَل ثُومًا أو بصلًا، أو نحو ذلك، وهو باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة
عن جابرٍ رضي الله عنه ، قال: نهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه واله وسلَّم عن أكْل البصل والكرَّاث، فغلبَتْنا الحاجةُ، فأكَلْنا منها، فقال: “مَن أكَلَ من هذه الشجرةِ الْمُنْتِنةِ، فلا يقربنَّ مسجِدَنا؛ فإنَّ الملائكةَ تَأذَّى ممَّا يَتأذَّى منه الإِنْسُ”
القول الثاني: يحرمُ حضورُ المسجدِ لِمَن أكَل ثُومًا أو بصلًا، وهو قول للمالكيَّة، وروايةٌ عن أحمدَ وهو مذهبُ الظاهريَّةِ، واختاره ابنُ جريرٍ وابنُ عثيمينَ.
واستدلوا ايضا بالحديث السابق .
ووَجْهُ الدَّلالَةِ فيه :
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه واله وسلَّم نهَى عن قُرب المسجدِ لمن أكَل بَصَلًا أو كرَّاثًا، والنَّهيُ للتحريمِ .
– عن معدان بن أبي طلحَةَ، أنَّ عمَرَ بنَ الخطَّاب رضي الله عنهم خطَب النَّاسَ يومَ الجمعةِ- فذكر كلامًا كثيرًا-: وفيه ” إنَّكم- أيُّها النَّاسُ- تأكلونَ شجرتينِ لا أُرَاهُما إلَّا خبيثتينِ: هذا البَصَلَ والثُّومَ، ولقد رأيتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه واله وسلَّم إذا وجَد رِيحَهُما مِن الرَّجُلِ في المسجدِ أمَر به فأُخْرِجَ إلى البقيعِ “.
وعلى كل الأحوال : المقصود بأكل الثوم أو البصل أو يسبب رائحة كريهة أن يكون ذلك بشكل طارئ وليس معتاداً عليه ولا يتعمده.
ومن الضروري ملاحظة أن التدخين أشد في الرائحة الكريهة وإضرار الناس .
ومن ذلك الجوارب التي تتسبب ايضاً في رائحة كريهة .
ملابس المهن التي تفوح منها رائحة كريهة – وعلى أصحابها التعود على ملابس سهلة الاستبدال عن حضور الجمعة والجماعات.
10 - المرض وما في حكمه :
- وهو المرض الذي يشق معه الإتيان إلى المسجد لصلاة الجماعة . قال ابن المنذر : لا أعلم خلافًا بين أهل العلم أن للمريض أن يتخلف عن الجماعات من أجل المرض , ولأن ” النبي صلى الله عليه واله وسلم لما مرض تخلف عن المسجد ،وقال : “مروا أبا بكر فليصل بالناس ” , ومن ذلك كبر السن الذي يشق معه الإتيان إلى المسجد .
ومن أعذار المرض – القائمين على الطب و التمريض ويخافون على المريض من حدوث طارئ يزيد من ضرره.
11- إرادة السفر :
- من تأهب لسفر مباح مع رفقة ، ثم أقيمت الجماعة ، وكان يخشى إن حضر الجماعة أن تفوته القافلة ، أو وسيلة مواصلاته ونقله إن لم يكن لديه متسع وقت لما بعدها ، فإنه يباح له التخلف عن الجماعة .
ليس من الأعذار المبيحة لترك صلاة الجماعة الانشغال بالضيف، أو الأنشغال بأمور دنيوية غير طارئة يمكن أن تقدم الصلاة عليها.
وليس من الأعذار ايضاً يوم أو ليلة الزفاف أو أيامه بالنسبة للرجال (١) .
وصلى الله تعالى وسلم وبارك علي سيدنا محمد واله وصحبه
بإذن الله تعالى نلتقي في الحلقة القادمة .
—————
(١) من موقع الدرر السنية والموسوعة الفقهية الكويتية بتصرف واختصار