تعرف على حبيبك النبي صلى الله عليه واله وسلم (710).

بقلم / جمال متولى الجمل

تعرف على حبيبك النبي صلى الله عليه واله وسلم (710)

الاحداث بعد غزوة الخندق وقريظة

غــــــــزوة بني لحيــــــــــــــــــان (3)
من فوائد الغزوة

حُكمُ صَلاةِ الجماعةِ للرِّجالِ
إن الأمر الإلهي بإقامة صلاة الخوف جماعة عند أصعب ما يمر على المسلمين ، وفي حال ترصد العدو ليعني أهمية منزلة الصلاة في الإسلام من ناحية وهي منزلة معروفة ويكفي فيها أنها الركن الثاني بعد الشهادة ، وأن تركها يدور بين الكُفر والفسق ، ولا نخوض في تفصيل ذلك ، فما من مسلم إلا ويعلم هذه المنزلة .
ويعني أيضاً مما يعني أهمية ومنزلة صلاة الجماعة بالنسبة لرجال المسلمين ، وأن منزلة صلاة الجماعة تدور أيضاً بين الوجوب ( يأثم من يتخلف عن الجماعة من غير عذر شرعي) – حتي أن بعض اصحاب القول بوجوب صلاة الجماعة قرر أن من يصلى وحده من غير عذر صلاته باطلة .
وبين الاستحباب ( السنة – ويُحرم المتخلف عنها من أجر عظيم).
ولكلٍ من القولين ما يسانده من الأدلة ، وأقوال أهل العِلم .
وخلاصة القول بين الوجوب والاستحباب قاله الإمام النووي في المجموع وبعد ان ذكر ساق الأقوال خلص بالقول :
وجمهور العلماء على أنها ليست بفرض عين، واختلفوا هل هي فرض كفاية أم سنة. وقال القاضي عياض: ذهب أكثر العلماء إلى أنها سنة مؤكدة لا فرض كفاية.

لكن نبين هنا أن أن تشريع صلاة الخوف مع الامام عند مواجهة العدو ، وعند الأمور الشرعية التي تبيح للمسلمين صلاتها في غير الجهاد كان أحد أهم اسباب القول بوجوب صلاة الجماعة على رجال المسلمين وأن التخلف عنها من غير عذرٍ يؤثِّم المتخلف إثما عظيماً .
صلاةُ الجماعةِ واجبةٌ وجوبًا عينيًّا على الرِّجال، وهو مذهبُ الحَنَفيَّةوالحَنابِلَة، ووجهٌ عند الشافعيَّة ، وهو قولُ طائفةٍ من السَّلفِ، اختارَه البخاريُّ، وابنُ المنذرِ، وابنُ حَزْمٍ، وابنُ تيميَّة ،
أولًا:الأدلَّة من الكِتاب
1- قال اللهُ تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ}النساء: 102.
والدَّلالةُ مِن وَجْهَينِ:
الوجه الأوَّل: أنه تعالى أمرَهم بصلاةِ الجماعة معه في صلاةِ الخوفِ، وذلك دليلٌ على وجوبها حالَ الخوفِ، وهو يدلُّ بطريقِ الأَوْلى على وجوبِها حالَ الأمنِ
الوجه الثَّاني: أنَّه سنَّ صلاةَ الخوفِ جماعةً، وسوَّغَ فيها ما لا يجوزُ لغيرِ عُذرٍ، كاستدبارِ القِبلةِ، والعملِ الكثيرِ، ومفارقةِ الإمامِ قبلَ السَّلامِ، والتخلُّفِ عن متابعةِ الإمام، وهذه الأمورُ تُبطِلُ الصَّلاةَ لو فُعِلتْ لغيرِ عُذرٍ، فلو لم تكُنِ الجماعةُ واجبةً، لكانَ قدْ التزم فِعل محظورٍ مُبطِلٍ للصلاةِ؛ لأجْل فِعل مُستحبٍّ مع أنَّه قد كان من الممكنِ أن يُصلُّوا وُحدانًا صلاةً تامَّةً؛ فعُلِمَ أنَّها واجبةٌ
2- قال الله تعالى: {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} البقرة: 43.
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
أنَّ الله تعالى أمَرَ بالركوعِ مع الراكعينَ، وذلك يكونُ في حالِ المشاركةِ في الركوع؛ فكان أمرًا بإقامةِ الصَّلاة بالجماعةِ
أنَّ الله تعالى أمَرَ بالركوعِ مع الراكعينَ، وذلك يكونُ في حالِ المشاركةِ في الركوع؛ فكان أمرًا بإقامةِ الصَّلاة بالجماعةِ

ثانيًا: الأدلَّة من السُّنَّة
1- عن أبي هُرَيرَةَ، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه واله وسلَّم قال: ” أثقلُ صلاةٍ على المنافقينَ صلاةُ العِشاءِ وصلاةُ الفجرِ، ولو يَعلمُونَ ما فيهما لأَتوهُما ولو حبوًا، ولقد هممتُ بالصَّلاةِ فتُقام، ثم آمُرُ رجلًا يُصلِّي بالناس، ثم أنطلقُ معي برِجالٍ معهم حُزمٌ من حطَبٍ إلى قومٍ لا يَشهدونَ الصَّلاةَ، فأُحرِّقُ عليهم بُيوتُهم بالنارِ ”
2- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ” أتَى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه واله وسلَّم رجلٌ أعمى، فقال: يا رسولَ الله، إنَّه ليس لي قائدٌ يقودني إلى المسجِدِ، فسألَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه واله وسلَّم أن يرخِّصَ له، فيُصلِّيَ في بيتِه، فرخَّص له، فلمَّا ولَّى دعاه، فقال: هلْ تَسمعُ النِّداءَ بالصَّلاةِ؟ قال: نعَم، قال: فأجِبْ”
3- عن أبي الدَّرداءِ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: سمعتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه واله وسلَّم يقول: ” ما مِن ثلاثةٍ في قريةٍ، ولا بدوٍ، لا تُقامُ فيهم الصَّلاةُ، إلا استحوذَ عليهم الشيطانُ؛ فعليكم بالجماعةِ؛ فإنَّما يأكُلُ الذئبُ القاصيةَ ”

من الآثار
عن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ، قال: (مَن سرَّه أن يَلْقَى الله غدًا مسلمًا، فليحافظْ على هؤلاءِ الصلواتِ حيث يُنادَى بهنَّ؛ فإنَّ اللهَ شرَع لنبيِّكم صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سُننَ الهدى، وإنهنَّ مِن سُنَن الهدى، ولو أنَّكم صليتُم في بُيوتِكم كما يُصلِّي هذا المتخلِّفُ في بيته، لتركتُم سُنَّةَ نبيِّكم، ولو تركتُم سُنَّةَ نبيِّكم لضَلَلتُم، وما من رجلٍ يتطهَّرُ فيُحسِنُ الطُّهورَ، ثم يَعمِدُ إلى مسجدٍ من هذه المساجدِ، إلَّا كتَبَ الله له بكلِّ خُطوةٍ يخطوها حسنةً، ويرفعه بها درجةً، ويحطُّ عنه بها سيِّئةً، ولقد رأيتُنا وما يتخلَّف عنها إلَّا منافقٌ معلومُ النِّفاق، ولقد كان الرجلُ يُؤتَى به يُهادَى ) بين الرَّجُلينِ حتى يُقامَ في الصفِّ)
وَجْهُ الدَّلالَةِ:
إخبارُ ابنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّه لم يكُن يتخلَّفُ عنها إلَّا منافقٌ معلومُ النِّفاق، وهذا دليلٌ على استقرارِ وجوبِها عندَ المؤمنين، ولم يَعلَموا ذلك إلَّا مِن جِهةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ومعلومٌ أنَّ كلَّ أمرٍ كان لا يتخلَّفُ عنه إلَّا منافقٌ كان واجبًا على الأعيانِ.

وصلى الله تعالى وسلم وبارك علي سيدنا محمد واله وصحبه
بإذن الله تعالى نلتقي في الحلقة القادمة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى