تعرف على حبيبك النبي صلى الله عليه واله وسلم (708).
بقلم / جمال متولى الجمل
تعرف على حبيبك النبي صلى الله عليه واله وسلم (708)
الاحداث بعد غزوة الخندق وقريظة
غــــــــزوة بني لحيــــــــــــــــــان (2)
عَنْ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ واله وَسَلَّمَ بِعُسْفَانَ ( بين مكة والمدينة )فَاسْتَقْبَلَنَا الْمُشْرِكُونَ عَلَيْهِمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَهُمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، ” فَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ واله وَسَلَّمَ الظُّهْرَ “، فَقَالُوا: قَدْ كَانُوا عَلَى حَالٍ لَوْ أَصَبْنَا غِرَّتَهُمْ ( غفلتهم، أي: لو وقعنا علميهم في حال غفلتهم لكان أحسن) ، ثُمَّ قَالُوا: تَأْتِي عَلَيْهِمُ الْآنَ صَلَاةٌ هِيَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْ أَبْنَائِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ (أي: فلا يتركونها ابدا وليس لديهم أولى ولا أهم من هذه الصلاة ، والحديث يدل على أن العصر هي الوسطى، وأن المؤمنين كانوا كثيري الاهتمام بها حتى ظهر ذلك للمشركين من حالهم) ، قَالَ: ” فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِهَذِهِ الْآيَاتِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ} النساء: 102.
قَالَ: فَحَضَرَتْ فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ واله وَسَلَّمَ فَأَخَذُوا السِّلَاحَ، قَالَ: فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ صَفَّيْنِ، قَالَ: ثُمَّ رَكَعَ فَرَكَعْنَا جَمِيعًا، ثُمَّ رَفَعَ فَرَفَعْنَا جَمِيعًا، ثُمَّ سَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ واله وَسَلَّمَ بِالصَّفِّ الَّذِي يَلِيهِ، وَالْآخَرُونَ قِيَامٌ يَحْرُسُونَهُمْ، فَلَمَّا سَجَدُوا وَقَامُوا جَلَسَ الْآخَرُونَ فَسَجَدُوا فِي مَكَانِهِمْ، ثُمَّ تَقَدَّمَ هَؤُلَاءِ لَى مَصَافِّ هَؤُلَاءِ، وَجَاءَ هَؤُلَاءِ إِلَى مَصَافِّ هَؤُلَاءِ، قَالَ: ثُمَّ رَكَعَ فَرَكَعُوا جَمِيعًا، ثُمَّ رَفَعَ فَرَفَعُوا جَمِيعًا، ثُمَّ سَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ واله وَسَلَّمَ وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ، وَالْآخَرُونَ قِيَامٌ يَحْرُسُونَهُمْ، فَلَمَّا جَلَسَ (1) جَلَسَ الْآخَرُونَ، فَسَجَدُوا ثُمَّ سَلَّمَ (2) عَلَيْهِمْ ثُمَّ انْصَرَفَ، قَالَ: فَصَلَّاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتَيْنِ: مَرَّةً بِعُسْفَانَ، وَمَرَّةً بِأَرْضِ بَنِي سُلَيْمٍ ” مسند احمد وصحيح سنن ابي داود
وفي رواية :
حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْهُنَائِيُ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَقِيقٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ, قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى اللَّه عليه وسلم – نَازِلاً بَيْنَ ضَجْنَانَ (بفتح الضاد المعجمة، وسكون الجيم: موضع، أو جبل بين مكة والمدينة. قاله ابن الأثير في “النهاية” ) وَعُسْفَانَ ( بضم العين، وسكون السين المهملتين: هي قرية جامعة بين مكة والمدينة، وقيل: هي منهلة من منهل الطريق بين الجحفة ومكة. قاله في “اللسان”، حال كونه) , مُحَاصِرَ الْمُشْرِكِينَ ( اسم فاعل من المحاصرة، والمراد به حَصْرهم، وهو الإحاطة بهم، يقال: حَصَره العدوُّ حَصْرًا، من باب قتل: أحاطوا به، ومنعوه من المضيّ لأمره. وقال ابن السِّكِّيت، وثَعْلبٌ: حَصَرَه العدوّ في منزله: حَبَسَه، وأحصره المرض بالألف: منعه من السفر، وقال الفرّاء: هذا كلام العرب، وعليه أهل اللغة، وقال ابن القُوطِيّة، وأبو عَمْرو الشيبانيّ: حَصَرَه العدوّ، والمرض .
وأحصره، كلاهما بمعنى: حَبَسَه.) , فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: إِنَّ لِهَؤُلاَءِ صَلاَةً هِيَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْ أَبْنَائِهِمْ وَأَبْكَارِهِمْ, ( أي بناتهم، وإنما خص الأبكار لأنهن المرغوب فيهنّ عند الناس، ولفظ أحمد: “إن لهم صلاةً، هي أحبّ إليهم من آبائهم، وأبنائهم، وهي العصر، فأجمعوا أمركم … ” ) أَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ ( أي اتفقوا عليه، يقال: أجمعت المسيرَ والأمرَ، وأجمعت عليه، يتعدى بنفسه، وبالحرف: عزمت عليه، واْجمعوا على الأمر: اتفقوا عليه ) , ثُمَّ مِيلُوا عَلَيْهِمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً ( أي شُدّوا عليهم شَدَّةً واحدةً، وأصيبوهم إصابة واحدةً، يقال: مال عليهم الدهر: أصابهم بجوائحه) , فَجَاءَ جِبْرِيلُ – عَلَيْهِ السَّلاَمُ – ( بكسر، فسكون، أو بفتحتين: أي التحرّز منهم) , فَأَمَرَهُ أَنْ يَقْسِمَ أَصْحَابَهُ نِصْفَيْنِ, فَيُصَلِّيَ بِطَائِفَةٍ مِنْهُمْ, وَطَائِفَةٌ مُقْبِلُونَ عَلَى عَدُوِّهِمْ, قَدْ أَخَذُوا حِذْرَهُمْ, وَأَسْلِحَتَهُمْ, فَيُصَلِّيَ بِهِمْ رَكْعَةً ( أي بالطائفة التي معه ) , ثُمَّ يَتَأَخَّرَ هَؤُلاَءِ ( أي الذين صلّوا ركعة معه) , وَيَتَقَدَّمَ أُولَئِكَ ( أي الذين هم مقبلون على العدوّ) , فَيُصَلِّيَ بِهِمْ رَكْعَةً , تَكُونُ لَهُمْ ( أي للطائفتين) مَعَ النَّبِيِّ (1) – صلى اللَّه عليه وسلم – رَكْعَةً رَكْعَةً (الظاهر أنهم اكتفوا بركعة واحدة، ويحتمل أنهم صلوا لأنفسهم ركعة أخرى، والاحتمال الأول أقوى) , وَلِلنَّبِيٍّ – صلى اللَّه عليه وسلم – رَكْعَتَانِ” صحيح سنن النسائي (2 ) .
وصلى الله تعالى وسلم وبارك علي سيدنا محمد واله وصحبه
بإذن الله تعالى نلتقي في الحلقة القادمة
_________
(1) الروض الأنف في شرح السيرة النبوية لابن هشام – أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد السهيلي – تحقيق : عمر عبد السلام السلامي .
(2) شرح سنن النسائي المسمى «ذخيرة العقبى في شرح المجتبى» – محمد بن علي بن آدم بن موسى الإثيوبي الوَلَّوِي – رحمه الله