تعرف على حبيبك النبي صلى الله عليه واله وسلم (703)
بقلم / جمال متولى الجمل
تعرف على حبيبك النبي صلى الله عليه واله وسلم (703)
الاحداث بعد غزوة الخندق وقريظة
قُدُومُ وَفْــــــــــدِ مِزينة :
يذكر المؤرخون أن أول وفد في الإِسلام وفد ( قدم ) على رسول الله – صلى الله عليه واله وسلم – هم وفد مزينة. وفد منهم على رسول الله – صلى الله عليه واله وسلم – أربعمائة فارس ، جاء المدينة سنة خمس هجرية (1) – ومزينة من قبيلة مضر (2) .
عَنْ دُكَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ الْخَثْعَمِيِّ (المزني) ، قَالَ: أَتَيْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ واله وَسَلَّمَ وَنَحْنُ أَرْبَعُونَ وَأَرْبَعُ مِائَةٍ، نَسْأَلُهُ الطَّعَامَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ واله وَسَلَّمَ لِعُمَرَ ( بن الخطاب رضي الله عنه ) : ” قُمْ فَأَعْطِهِمْ ” (وفي نسخة : قم فأطعمهم) قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا عِنْدِي إِلَّا مَا يَقِيظُنِي وَالصِّبْيَةَ؟ – قَالَ وَكِيعٌ: الْقَيْظُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ – قَالَ: ” قُمْ فَأَعْطِهِمْ ” قَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ، سَمْعًا وَطَاعَةً. قَالَ: فَقَامَ عُمَرُ وَقُمْنَا ( الوفد بعددهم قام ) مَعَهُ، فَصَعِدَ بِنَا إِلَى غُرْفَةٍ لَهُ، فَأَخْرَجَ الْمِفْتَاحَ مِنْ حُجْزَتِهِ، فَفَتَحَ الْبَابَ، قَالَ دُكَيْنٌ: فَإِذَا فِي الْغُرْفَةِ مِنَ التَّمْرِ شَبِيهٌ بِالْفَصِيلِ الرَّابِضِ ( يصف التمر بالنضج الكبير) ، قَالَ: شَأْنَكُمْ ( أي : خذوا حاجتكم من التمر ) . قَالَ: فَأَخَذَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا حَاجَتَهُ مَا شَاءَ، قَالَ: ثُمَّ الْتَفَتُّ وَإِنِّي لَمِنْ آخِرِهِمْ وَكَأَنَّا لَمْ نَرْزَأْ مِنْهُ تَمْرَةً ( أي كان دكين راوي الحديث أخر من أخذ التمر وتفاجأ بعد ان اخذ العدد الحاضرين جميعاً ما شاء من التمر ، لم ينقص من التمر ) مسند أحمد بإسناد صحيح.
عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ، قَالَ: قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَرْبَعِمِائَةٍ مِنْ مُزَيْنَةَ فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَمْرِهِ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا مَعَنَا طُعْمًا نَتَزَوَّدُهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ «زَوِّدْهُمْ» فَقَالَ: مَا عِنْدِي إِلَّا وَاصِلَةٌ مِنْ تَمْرٍ، وَمَا أُرَاهَا تُغْنِي عَنْهُمْ شَيْئًا. فَقَالَ: «انْطَلِقْ فَزَوِّدْهُمْ» ، فَانْطَلَقَ بِنَا إِلَى عُلَيَّةٍ لَهُ، فَإِذَا فِيهَا تَمْرٌ مِثْلُ الْبَكْرِ الْأَوْرَقِ، فَقَالَ: خُذُوا، فَأَخَذَ الْقَوْمُ حَاجَتَهُمْ، قَالَ: وَكُنْتُ أَنَا فِي آخِرِ الْقَوْمِ , قَالَ: فَالْتَفَتُّ وَمَا أَفْقِدُ مَوْضِعَ تَمْرَةٍ، وَقَدِ احْتَمَلَ مِنْهُ أَرْبَعُ مِائَةِ رَجُلٍ ” مسند احمد وهو صحيح لغيره .
*- منح رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه واله وسلم- بِلَالَ بنَ الحَارِثِ ( أحد أعضاء وقادة وفد مزينة ) أَرْضًا فِيهَا جَبَلٌ وَمَعْدِنٌ (هي المواضع التي تُستخرج منها جَوَاهر الأرض كالذهب والفضة والنحاس) :
عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيِّ – رضي الله عنه – ” أَنَّ رَسُولَ اللهِ – صلى الله عليه واله وسلم – أَقْطَعَ بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ الْمُزَنِيَّ مَعَادِنَ الْقَبَلِيَّةِ (هِيَ نَاحِيَة مِنْ سَاحِل الْبَحْر ، موضع بين منطقة نخلة والمدينة) جَلْسِيَّهَا (المكان المرتفع منها ) وَغَوْرِيَّهَا (والمكان المنخفض منها – أي منحه واعطاه المرتفع والمنخفض من المكان) وَحَيْثُ يَصْلُحُ لِلزَّرْعِ مِنْ قُدْسٍ (جَبَل كبير بِنَجْدٍ) وَلَمْ يُعْطِهِ حَقَّ مُسْلِمٍ، وَكَتَبَ لَهُ النَّبِيُّ – صلى الله عليه واله وسلم (والذي تولى الكتابة هو أبي بن كعب رضي الل عن – كما في رواية بسند حسن ) -: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ , هَذَا مَا أَعْطَى مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ الْمُزَنِيَّ , أَعْطَاهُ مَعَادِنَ الْقَبَلِيَّةِ جَلْسِيَّهَا وَغَوْرِيَّهَا , وَحَيْثُ يَصْلُحُ لِلزَّرْعِ مِنْ قُدْسٍ (هو اسم جبل، والمعنى: المكان الذي يصلح فيه الزراعة على ظهره وأعلاه) , وَلَمْ يُعْطِهِ حَقَّ مُسْلِمٍ ( الذي أعطاه ليس مملوكاً لمسلم ؛ لأن ما كان مملوكاً لمسلم فهو له، ولا يتصرف فيه الإمام ولا غير الإمام(3)) ” حديث حسن رواه احمد في مسنده وأبو داود والبيهقي في سننهم .
وورد في بعض روايات الحديث السابق فقرة ” فتلك المعادن لا يؤخذ منها إلا الزكاة إلى اليوم ” وي زيادة ضعيف ، قال الشافعي -رحمه الله-: “ليس هذا مما يَثبُت” ..
وصلى الله تعالى وسلم وبارك علي سيدنا محمد واله وصحبه
بإذن الله تعالى نلتقي في الحلقة القادمة
__________________
(1) موسوعة الغزوات الكبرى – من معارك الإسلام الفاصلة – مصدر سابق وقال :.. يرأسهم الصحابي الصالح التقى الفاتح بطل معركة فتح الفتوح (نهاوند بفارس) النعمان بن مقرن، وكان لمزينة شأن عظيم في نصرة الإِسلام وخاصة أيام الردة حيث صارت قبيلة مزينة العمود الفقرى للجيش الذي صد به الخليفة الأول هجوم المرتدين عن المدينة بعد وفاة الرسول – صلى الله عليه وسلم -، وكان الذي بايع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على مزينة خزاعى بن عبد نهم.
(2) الوفا بتعريف حقوق المصطفي – أبو الفرج عبدالرحمن بن أبي الحسن علي بن محمد – المعروف بابن الجوزي .
(3) من شرح الشيخ عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر على سنن أبي داود