تعرف على حبيبك النبي صلى الله عليه واله وسلم (698)
بقلم : جمال متولى الجمل
تعرف على حبيبك النبي صلى الله عليه واله وسلم (698)
بقلم : جمال متولى الجمل
بَعَثَ رَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه واله وسلم – إِلَى أَبِي رَافِعٍ الْيَهُودِيِّ (5) .
فوائد ودروس من سرية قتل اليهودي أبي رافع (2)
9- حِرص المسلم على إتقان عمله ، وقد كان ذلك بما يلي :
– انتقاء المجموعة بالعدد المناسب. .
– التخطيط لدخول الحصن، والتلطف لدخوله.
– ثم إنه تقنع حتى لا تعرف شخصيته.
– ثم جلس كأنه يقضي حاجته، حتى البواب، قال: “عجل يا فلان! يا عبد الله! يا عبد الله! يعني يا فلان! يقصد يا أيها الشخص! يا أيها الرجل! حتي ظن أنه منهم ( من ضيوف ابي رافع) .
– وأنه كان يتابع موضع المفاتيح أين عُلقت.
– وأنه انتظر في مكانه، وكمن ( تخفي) في مربط الحمار، حتى هدأت الأصوات.
– ثم قام وأخذ المفاتيح، ثم أنه غلق عليهم بيوتهم من الخارج.
– ثم أنه ما دخل باباً إلا وأغلقه وراءه.
– ثم إنه دخل وناداه حتي يحدد مكانه.
– ثم إنه خرج ورجع بصوت غير صوته.
– ثم إنه جاء كهيئة المستغيث، مغيراً صوته.
– ثم إنه اتكأ على السيف، حتى تأكد من مقتله. فليست القضية قضية ضربة واحدة، ويمشي، ويهرب.
– ثم إنه ما كان عنده مانعا أن يُكتشف ويُقتل، بعدما ينفذ المهمة، ولذلك قال: “أغلقت الأبواب ورائي، قلت: إن نذر بي القوم أكون قد أنهيت المهمة” ولو وصلوا إليّ، فلن يصلوا إليّ إلا بعد إنهاء المهمة.
– وكيف ترك الباب الخارجي مفتوحاً لتأمين الهرب بعد انتهاء المهمة، وأن المسلمين يحافظون على سلامة أنفسهم، وليس المقصود فقط أن يرموا أنفسهم في الحصن، ولا يفكروا بما بعد ذلك، بل إنهم فكروا بالخروج أيضاً قبل الدخول.
كل هذا يدل على أن المسلمون كانوا في الفِطنة والذكاء التي يحركها الإيمان، وأنهم في التخطيط والتنفيذ، بلغوا الغاية، ولذلك كانت النتيجة إيجابية، وصلوا إلى مبتغاهم، وحققوا المقصود، وقُتل الرجل .
10 – معجزة ظاهرة للنبي صلى الله عليه واله وسلم : وفيه: معجزة ظاهرة للنبى صلى الله عليه واله وسلم ، لما مسح على رجل عبد الله بن عتيك، فبرأت من المسح، مع أنها مكسورة مخلوعة، لكن برأ الرجل رضي الله عنه من مسحة من النبي صلى الله عليه واله وسلم ، فقام قائلاً: فكأنها لم أشتكها قط، ولا أني اشتكيتها، أو أنها كسرت، أو أنها انخلعت.
11- نُصرة الله وتوفيقه للناصرين لدينه وكذلك: فإن الصحابة -رضوان الله عليهم- لما خرجوا يريدون نصرة الله ورسوله أعانهم الله، وأن توفيق الله في العملية واضح، وأن الأخذ بالأسباب فقط دون الاعتماد على الله، لا يكلل المهمة بالنجاح، وأنهم لما أرادوا نُصرة الله ورسوله، نصرهم الله: { إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ } محمد: 7 ، ونصر الله لهم في هذه العملية واضحة للغاية.
12- فِطنة عبد الله بن عتيك وذكاؤه وفيه: فطنتة و ذكاؤه العجيب، حتى أنه جاء في بعض الروايات: أنه لما دخل بينهم ليتأكد، جعل لا ينظر في وجه أي واحد إلا قال له: من قتل أبي الحقيق؟ من قتل سلام؟ – كان واحداً مثلهم – فلا يشكون فيه، وهو مندس بينهم، فقط لينظر، هل مات الرجل أو لا؟
فلما تأكد من موته خرج، وهذا فطنة بالغة. كما حصل لحذيفة رضي الله عنه ، لما دخل في عسكر المشركين في الخندق، واندس بينهم، فجأة قال أبو سفيان : ينظر كل رجل منكم من بجانبه، فإني أخشى أن محمداً أرسل أُناساً، يعني يعرفون أخبارنا، يقول حذيفة فوراً مباشرة لما سمع الكلام: فأمسكت من بجانبي، فقلت له: من أنت؟ ما اسمك؟ قال: فلان. فهذا يعني الإيمان يولد الفطنة، والله سبحانه وتعالى يوفق الشخص للتصرف الصحيح المناسب.
13- مسألة التوفيق، مسألة مهمة: {وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ }هود: 88.
التوفيق يكتبه الله تعالى ، لأهل طاعته العملية ليست فقط، حُسن تخطيط والتنفيذ، أيضاً فيها توكل على الله، ونُصرة الله، النية كانت صافية، طيبة، ولذلك وفقهم الله، وجعل التوفيق حليفهم، فوصلوا، وحققوا المهمة بنجاح منقطع النظير، وبالتأكيد أن اليهود أُسقِط في أيديهم، وأنهم أُبلسوا، وشعروا بالخوف الشديد، بعد هذه العملية، فالنبي صلى الله عليه واله وسلم – باستطاعته أن يصل إليهم في قَعر عُقر دارهم، وفي قعر بيت رئيسهم، داخل الحصن، وفي أعلى البيت، وبعد الحرس، وبعد الجدران، وصلوا إليه، وقتلوه، معنى ذلك: أنه ما بقي شيء يرد المسلمين، فعرف اليهود أنه لا يرد المسلمين، ولا يحجزهم شيء، ولذلك كبتوا. جواز مخادعة الكفار .
ثم في هذا الحديث كما تقدم : جواز مخادعة الكفار ، والمواراة أو حتي الكذب في الجهاد (1).
وصلى الله تعالى وسلم وبارك علي سيدنا محمد واله وصحبه
بإذن الله تعالى نلتقي في الحلقة القادمة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) موقع الشيخ محمد المنجد – مع تقديم وتأخير وتصرف يسير .