تحرير سوريا بين الفرح والقلق (1) والمتباكين على بشار
بقلم : جمال متولى الجمل

تحرير سوريا بين الفرح والقلق (1)
والمتباكين على بشار
بقلم : جمال متولى الجمل
يوم تحرير دمشق من الحكم المتسلط الطائفي الفارسي النُصيري وخلع بشار الأسد وإجباره على الفِرار هو يوم فرح عارم لشعب سوريا الشقيق بعد أن طال حكمه لسوريا أبيه الذي علمه الطغيان – حافظ الأسد الذي استولى على حكم سوريا عام 1970 ، ولأن العائلة والطائفة هي التي كانت متسلطة على الحكم في سوريا ، وعقب وفاة حافظ الأسد في 10 يونيو 2000، بدأت إجراءات الزور والصلف السياسي ، لإعداد بشار لوراثة الحكم السوري .
كانت أول الإجراءات : اصدار نائب رئيس الجمهورية حينها عبد الحليم خدام ( لاحظ ان حضرة جنابه كان له كما هي عادة الجمهوريات العربية والعالم الثالث – أن يتولى هو نفسه الحكم ) مرسوما تشريعيا رفّع فيه بشار إلى رتبة فريق، وعمره حينها 34 عاماً و10 أشهر، ومتجاوزا الرتب الثلاثة قبلها: عميد ولواء وعماد، ثم أصدر المرسوم (10) بتعيين بشار قائداً عاماً للجيش والقوات المسلحة.
الاجراء الثانى : اجتمع مجلس الشعب السوري ( و كان برلماناً من أسوأ برلمانات العالم الثالث ولم يكن فيه معارضا حقيقيا واحدا منذ ان تولى حافظ السلطة وحتي سقوط بشار في 8 / 12السابق ) ، لتعديل المادة رقم (83) من الدستور التي تنص على أن سنّ الرئيس يجب أن تكون 40 سنة، وفي تصويت لم يستغرق اكثر من ربع ساعة ( !!!) أصبحت المادة (83) تنص على أن سن الرئيس يمكن أن يكون 34 سنة، وهي سن بشار في ذلك
وهي حادثة سياسية عجيبة غريبة لم تحدث في العالم كله – ولأول مرة في التاريخ المعاصر او في تاريخ الجمهوريات ان يتم هذا التلاعب بالدساتير والأوطان من أن أجل ان يرث بشار سوريا وليس الحكم فقط .
ومن ذلك الوقت في شهر 7 / 7 / 2000 وبشار ورث حكم ابيه .. في ذلك الوقت توهم الناس ، أن الأبن – طبيب العيون – والقادم من دراسة لندنية – والشاب اليافع – سيغير من ظُلم ونهب وبطش وتسلط عائلته وطائفته على السوريين ، ويحول نظام الحكم العائلى الطائفي في الجمهورية العربية السورية ، إلى حكم ديمقراطي حديث يحفظ كرامة المواطن ، ويرعي مصالح الأمة السورية بحق ، فتفاجأ الشعب الحُر في سوريا بأن بشار نسخة أردء وأطغي من أبيه .
ولكن فعلا كان وهماً من أصحابه ، إذ كيف ينتظر تغييرا إيجابياً من تصرفات ظاهرة من أول لحظة أنها لا تحترم وطناً ولا شعباً ولا دستوراً .
ولم يغير من نهج أبيه الطاغي شيئاً يذكر ، بل أصبح أسوأ ولا ادل على ذلك كمثال :
أن أبيه كان متحالفاً مع إيران الفارسية ، يفيدها ويستفيد منها ، فأصبح بشار أداة من أدوات إيران حتي استخدمته استخدام سايس السيارات لخرقة مسحها وغسلها .
ولا بد أن يذكرني ذلك بأكذوبة القوميين العرب ، الذين كانوا يعتبرون حافظ الأسد أحد اعمدتها ، في الوقت الذي كان يعين إيران الفارسية على ضرب العراق العربية ، والأعجب ، أن حافظ هذا شقيق صدام حسين في التربية السياسية الحزبية لأن أبناء حزب البعث العربي الاشتراكي الذي حكم العراق وسوريا !!!.
وبشار وأبيه وليس غيرهم هم أصحاب اختراع الطائفية المقيتة في سوريا، بجمع كل مقدرات وقدرات سوريا في يد طائفته التي لاتزيد عن 11% من السوريين في أعلى التقديرات ( العلويين في العالم لايزيدون عن 3 مليون نسمة وفق اخر إحصاء لهم في 2016 حسب ذكر في موسوعة وكيبديا )
صحيح طبيعة الديمغرافيا السورية تشمل تنوع ديني واجتماعي ولكنها قبل انقلاب حافظ الأسد كانوا جميعا مواطنين على درجة واحدة في وطنهم .
وكما أن حافظ الأسد ( الأب ) سلط جيشه بقيادة العربيد شقيقه رفعت الأسد ضد معارضيه الأحرار في مدينة حماة الآبية ( بغض النظر عن توجههم ) في شهر فبراير 1982 مجزرة أدت إلى مقتل نحو 40 ألف شخص وأكثر من 17 ألف مفقود ، وفقا لبعض الروايات – في غضون 27 يوم فقط .
كان نفس الإجرام من بشار الأسد ضد أحرار درعا – الذين خرجوا سلمياً في ظل الربيع العربي 2011 ومنهم أطفال وشبان صغار لمجرد أنهم كتبوا عبارات ضد بشار الأسد على جدران مدارسهم، فتم اعتقالهم وتم تعذيبهم ، تعذيباً وحشياً ، ولما ذهب ابائهم ، ووجهاء درعا للمخافر ( اقسام الشرطة ) ليطمئنوا على أبنائهم ويطالبوا بالإفراج عنهم أهينوا فيها ، ومعروف ان الشعب السوري شعب عروبي حُر ، فخرجت درعا بثورة عارمة ، عمت سوريا ، حتي تحولت الثورة إلى انتفاضة ، فخرج السوريون في عدة مدن مطالبين بالحرية والإصلاح السياسي والتغيير.
فما كان من بشار إلا أن واجهم بالآلة العسكرية الباطشة ، وعاملهم معاملة المحتل الغاصب ، مع انهم لم يقاوموه إلا بالكلمة ليس إلا .
واستدعي الجيش الذي يقوده العلويين – طائفة بشار ، واستخدم كل أسلحته للقضاء على كل صوت حُر في سوريا
وملأ سجون سوريا بالأحرار واعتقال كل الشرفاء ، وقد رأي العالم أدوات التعذيب شديدة البشاعة ، والتي لم نري مثيل لها ولا في غوانتنامو ولا السجون الصهيونية .
وهذا السلوك العدواني الباطش هو الذي حمل السوريون لحمل السلاح ضد بشار وعائلته ، وهو الذي انتج واسس داعش بتحريض وصناعة إيرانية لتفرق كلمة المعارضين السوريين ، وتخلق بينهم الفتن ، كما هي عادة وسلوك المجوس والصهاينة في صناعة ابن سبأ في القرون الأولى.
مع ملاحظة ان هضبة الجولان السوري العزيزة محتلة منذ عام 1967 وكان السبب المباشر في احتلالها انسحاب وهروب اللواء حافظ الأسد من الدفاع عنها وقت ان كان قائد السلاح الجوي السوري ، وبعد ان تولى الحكم 1970 عقد حافظ نفسه اتفاقا في 1974 تحت مسمي اتفاقية فك الاشتباك وُقعت عام 1974 برعاية أمريكية .
ومنذ ذلك الحين لم يطلق حافظ ولا بشار رصاصة واحدة ضد المحتل الصهيوني لهذه الأرض السورية العربية ، علما بأن الكيان الصهيوني أعلن منذ يومين إلغاء هذا الاتفاق ليعربد في الشام كما يحلوا له .
كذلك كان بشار الأسد ، رضي بأن تحتل إسرائيل وأمريكا وتركيا وروسيا وإيران ما يقارب 40 % من الأراضي السورية عن طيب خاطر في مقابل ان يظل على كرسي حكم سوريا ولو كان في دمشق وريفها وفقط .
فضلاً عن أن ايران هي التي تتحكم في قرار سوريا منذ الربيع العربي وحتي هروب بشار المخزي .
ولا ننسي مشهداً في غاية الخزي والعار حينما زار بوتن – الرئيس الروسي – سوريا في 7 يناير 2020 – واراد بشار العميل ان يسير كرئيس بجوار كفيله الروسي ف ازاحه حرس الرئيس الروسي وامره بالتأخر عنه ، في مشهد رآه العالم ودل على مدي خذي بشار وصغاره .
هذا جزء يسير من تاريخ بشار الأسود وابيه وعائلتهم في التسلط على سوريا الحبيبة الآبية .
وبعد كل هذه المآسي والمخازي لبشار وعائلته ما زال هناك من يحزن على فراره وهروبه من العرب وممن يدعي الثقافة ويصف نفسه من النخبة الإعلامية أو السياسية .
و لا ادري لماذا هؤلاء لم يعاتبوا صاحبهم بشار أو يلموه بدل حُزنهم وبدل تنظيرهم ووعيدهم للسوريين بأنهم سنيقسمون من بعدة وكأن سوريا في عهد بشار لم تكن مقسمة .
لماذا هربت وتركت وطنك ؟
لماذا تخلى عنك جيشك الذي كان بعض عناصره يعتقدون بأنك إله ؟
لماذا خذلتك إيران وهي التي انفقت عليك من دماء وعرق الشعب الإيراني المليارات من الدولات ؟
لماذا باعتك روسيا ، ولم ترضي إلا أن تمنحك لجوءً مقابل الفوسفات السوري ( الثالث عالمياً ) بأبخس الأثمان والذي هو من حق الشعب السوري – ولاتي استولت عليه روسيا منذ عام 2005 وحتي الان ووضعت قاعدتها العسكرية بجواره . ؟
وبعد ذلك ألا يحق للسوريين بل وكل العرب الأحرار أن يفرحوا لخلع هذا الدكتاتور ؟